الجرح السوري الممتد طويلاً
د. عاكف الزعبي
11-02-2018 03:02 PM
بعد ان حال النفاق الامريكي دون محاصرة القتل والدمار في سوريا، واكتفت اوروبا بمراقبة الموقف الامريكي، كثر المتدخلون حتى بلغ التدخل الاقليمي مداه. ثم تشجعت روسيا وتقدمت لدور تراه لنفسها بعد ان مال التدخل الاقليمي لغير صالح النظام وحليفته إيران. ما اضاف مزيداً من الغموض حول اقتراب نهاية الصراع الذي بات دولياً متعدد الاطراف .
لصالح الولايات المتحدة وحليفتها اسرائيل اطالة أمد الحرب وتدمير سوريا ما فتح الباب على مصراعيه امام تدخل القوى الإقليمية . كما بعثت برسائل دعم كاذبة للمعارضة لم تنفذ منها شيئاً واهتمت بداعش وانشغلت بها اكثر من محاربتها فهي لا تريد لسوريا غير ما فعلته في العراق انقسام ومحاصصة طائفيه وفساد وفدرلة على طريق التقسيم .
دول الاتحاد الاوروبي الفاعلة اشغلها هدفها الاول بوقف الهجرة العشوائية المكثفة وما قد يخالطها من ارهاب فضلاً عن دفع شبح الارهاب كي لا يستقر فيها . وقد تجمد موقفها عند مراقبة الموقف الامريكي الذي لم يصلها منه ما يغير من موقفها .
روسيا آخر المتدخلين تحث الخطى للوصول الى مياه المتوسط الدافئة مدفوعة بأهداف ذات صلة بالنفط والغاز وبرغبة عارمة بقطع الطريق على القوى الاقليمية التي استهدفتها بتوجيه امريكي من خلال الاسراف بضخ النفط بما حافظ على هبوط اسعاره وكانت روسيا على رأس قائمة المتضررين .
دول الاقليم غير العربية اتيحت لها الفرصة لاستكمال مسودات مشاريعها التوسعية وشحذ مشاريعها الجاهزة. تركيا تراودها أمجاد الخلافة العثمانية ورهانها على تيار الاسلام السياسي العربي . وايران تسعى الى تصدير ثورتها وتكريس نموذج دولتها الدينية والمذهبية .
استثناءان فقط شكلا حضوراً للموقف العربي . استثناء اردني نجح بالنأي عن التدخل في غير محاربة الارهاب ، وحضور مميز حافظ على الاردن من ارتدادات الصراع ، وارتقاء الى مستوى اشراكه دولياً وبموافقة جميع الاطراف في محاولات البحث في جهود تسويات الازمة . واستثناء سعودي بانتزاع تفويض اممي لجمع أطياف المعارضة السورية الوطنية التي اعترف الجميع بوطنيتها بينما يحسبها مؤيدو النظام على امريكا زوراً تماماً مثلما حسبوا زوراً ايضاً حرب النظام على المعارضة الوطنية باعتبارها حرباً على الارهاب .
اسرائيل تتابع ما يجري عن كثب بغطاء امريكي كامل وفي ظل انسحاب للموقف الروسي من منطقة التلامس الايراني الاسرائيلي على الارض السورية . ما اتاح لإسرائيل ان تمارس الفر الى ان يحين موعد الكر. تفر امام ايران ما استطاعت لإطالة الصراع والتدمير ، وتستعد للكر الكبير ما سولت ايران لنفسها الاستقرار في سوريا .
سوريا اليوم ساحة لتصفية حسابات دولية قطباها امريكا وروسيا ، وحسابات اقليمية اطرافها اسرائيل وايران وتركيا . اللاعبون كثر ، حلف امريكي اسرائيلي يهدف لإنهاء اي دور مستقبلي لسوريا في مواجهة اسرائيل ، وسباق امريكي روسي لا يسمح بوجود منفرد لأي منهما على الارض السورية ، وتشبت ايراني لحضور في سوريا مشابه للحضور في العراق مسنود بالحليف الروسي ومدفوع بالخشية من خسارة دورها في العراق والاستفراد الاقليمي بحزب الله ، وحرص تركي على حضور مواز لأي حضور ايراني في سوريا وحتى لا يتموضع الكرد حاجزاً بين تركيا والعرب .
معطيات لا تترك مجالاً للأمل بانتهاء المأساة السورية في المديين القريب والمتوسط ، وتحول دون رسم أي ملامح محتمله للصورة التي يمكن ان تستقر عليها حالة الانفراج . وهي حالة ولا أفضل لإسرائيل كي تنتزع بمساعدة الحليف الامريكي مكاسب على حساب القضية الفلسطينية ومصالح شعبها . خصوصاً بعد ان باتت بعض الدول العربية ترى في ايران خطراً اكبر من الخطر الاسرائيلي .