هذه القصة استخدمتها قبل سنوات ومضطر لإعادتها الآن ، لأن الأحداث بحد ذاتها معادة ومطالباتنا معادة والمعاناة معادة..
تقول الحكاية: ان رجلا استقل باص القرية الوحيد والمتّجه إلى اربد، كان الكرسي الشاغر المتبقي ذلك الذي خلف السائق مباشرة، وبسبب سرعة الباص والأجواء الباردة والهواء الكانوني الذي يتدّفق على الركاب طلب الحجي من سائق الباص أن يغلق الشباك الذي يفتحه ويدلّي يده منه.. نظر السائق ببرود للختيار وقال: هي.. هي.. بعد دقائق تجمّد الحجي من البرد القادم من شبّاك السائق فوكزة مرّة أخرى وطلب منه بعصبية.. يا أخي ضب أيدك وسكّر هالشباك تجمّدنا..
ومع ذلك ردّ السائق ببرود: حتى لو سكّرته..هي.. هي.. لم يعجب الحجي ردّ السائق ونهره من جديد: يا عمّي عيب هالحكي احترم الركّاب الناس ماتت من البرد..
أدخل السائق يده من الشباك وجرّ البرواز على سكّة النافذة واذا بالشباك مكسور تماماً ولم يتبق منه سوى الاطار الخارجي..
التفت السائق للختيار وقال له ببروده المعهود: مش قلنا لك.. هي هي.
**
قبل الضرائب الأخيرة وارتفاع الخبز والبنزين كانت تجني الدولة دخلاً معقولاً جداً من الرسوم و الضرائب، الأمر الذي دفعها لزيادة ضرائب أكثر لتحصيل عائدات أكثر لكن هذا لم يحدث فقد انخفضت القوة الشرائية لدى المواطنين بنسبة 40 %وبالتالي خابت التوقعات وقلّت العائدات..
يعني بمعنى آخر «هي هي».. الذي كنت تحصّله بضرائب معقولة، بالكاد تستطيع أن تحصّله الآن بالضرائب المضاعفة ولم تكسب شيئاً سوى الاستياء العام والتضييق على المواطن وتعاسة الناس اما كمردود مادي «هي هي» ضرائب معقولة قوة شرائية أعلى ، ضرائب مرتفعة قوة شرائية منخفضة والمحصلة «هي هي»..
الأمر ليس بحاجة الى تنجيم أو فهلوة ومن يعتقدون انهم خبراء في الاقتصاد «ختيارة في البادية» تستطيع ان تبطل لهم كل خيالاتهم الاقتصادية، عندما يعرفون أن سعة «الدرِّة» نفس السعة وعدد الحلبات الممكنة يجب الا تزيد عن مرتين في اليوم مع اشباع «المنوحة» وعدم التقصير في حقوقها.. وإذا حاولت حلبها خمس او ست مرات مع تجويعها لتربح أكثر، حتما ستموت الحلوب وتشحد انت بعدها.. انتم تريدون حلبنا دون ان تريّحونا او تشبعونا.. ارجوكم لاتجعلوا الامور تخرج عن مسارها.
الرأي