تسخين الإقليم والمواجهة المحتملة
د.مهند مبيضين
11-02-2018 12:58 AM
إسرائيل تسخن الإقليم، تهديد للجنوب اللبناني، وهجوم فجر أمس السبت على سوريا في مناطق تدمر وبلدة جباب وتل المانع جنوب دمشق ومواقع آخرى، يصاحبه سقوط لطائرة اسرائيلية نوع أف16 بفعل مضادات سورية، ثم بعدها سقوط جسم عسكري في قرية ملكا الحدودية مع دولة الاحتلال، هو تطور يعلن بأن المنطقة في حالة سخونة قصوى. لتعود إسرائيل بعد الهجوم على عدة مواقع سورية، للقول بأنها استهدفت نشاطاً وتواجداً إيرانياً في سوريا، وتؤكد عبر سفيرها في موسكو «بأن الوجود الإيراني يجب ان يكون بالتنسيق مع دولته».
التسخين في الملف السوري يأتي بعد مطالبات للمعارضة السورية بإنهاء مهزلة اجتماع سوتشي والذي تزامن مع قصف سوري روسي كبير لمنطقة الغوطة، واستمر لنحو مائة ساعة، وأسقط أكثر من مائة قتيل، من المدنيين. بعد هذا القصف جاءت الغارة الاسرائيلية والتصعيد الذي ربما يكون متعمداً من قبل اسرائيل بسبب طائرة مُسيرة قالت إسرائيل أنها عبرت حدودها.
بعد الغارة تطالب اسرائيل الحليفين الأمريكي والروسي في التدخل لوقف تدهور الموقف، والحيلولة دون حرب مفتوحة في الإقليم،ولملمة الأزمة كي لا تصيب أسرائيل القلقة من وجود إيراني على حدودها، وهو أمر واضح، فالتموضع الإيراني في ريف القنيطرة ومعه قوات حزب الله، في مسافة قصيرة عنها، يزعج اسرائيل التي لا تريد تخوماً إيرانية، أخرى ويكفيها الجنوب اللبناني.
القلق من إيران ووجودها ليس اسرائيلياً، بل هو أردني أيضاً، فالأردن عبر مراراً عن انزاعاجه من وجود إيراني في الجنوب السوري، وكانت كلمة الملك عبدالله في منتدى دافوس مؤخراً واضحة في هذا الأمر، والأردن يرفض أن تكون أراضية مستقراً لبقايا الصواريح والطائرات المتبادلة والتي لا تصيب بعضها.
المهم اليوم أن ملف المسألة السورية، يزداد تعقيداً، الروس بعد سقوط طائرتهم السيخوي 25 في إدلب ومقتل طيارها بعد القفز في مواجهتة مع الجهات التي كان يقصفها، باتوا مدركين أن خطاب بوتين يوم 16/12/2017 واعلان النصر الكامل في قاعدة حميميم، قد لا يكون نهاية المطاف للمهمة التي قال بوتين :»إنها انتهت، وأن البلاد الروسية اشتاقت لجنودها في سوريا»، والروس يدركون أن العودة لكل سوريا مكلفة، وأن أفغانستان أخرى قد تتكرر لها في سوريا، وإيران التي سقطت لها طائرة استطلاع تدرك أن اسرائيل قد تفرغ غضبها في جنوب لبنان، واسرائيل التي سقطت لها طائرة اف 16 بفعل المضادات السورية لا ترغب بزيادة التوتر الداخلي والضغط على حكومة نتنياهو التي ترى أنها حققت انتصارات كبيرة لصالح اليمين الإسرائيلي وبخاصة بعد اعتراف ترامب بالقدس عاصمة، لكن اسرائيل لن تترك امر سقوط طائرة ف 16 يمر بسهولة.
الجميع اليوم يترقب، الإقليم متوتر إلى أبعد حدود الغضب، وجدار اسرائيل الحدودي الذي تبنيه مع لبنان، قد لا تأبه اسرائيل باعتراضات لبنان على أن بعض مناطق عبور الجدار ما زلت غير متفق عليها، لكنه مبرر لكي يقفز دور حزب الله من جديد، والذي صرح أنه استهدف اهدافاً اسرائيلية. فالاشتباك حالياً وإن كان محدوداً، إلا أنه قد يتدحرج ليصبح حرباً ويزيد منه مطامع اسرائيل بالنفط في الحقل المشترك مع لبنان، ورغبة حزب الله بمواجهة تبرر لانصاره الاستمرار بعد موجة العقوبات الأمريكية ضد منابع تمويل الحزب.
الدستور