لست ممن يؤمنون بنظرية المؤامرة أو يعلقون كل شيء على مشجبها، ولكن تطورات الأحداث تدفعني للقول وبملء الفم أن هناك جهات خارجية وداخلية تدفع الأمور دفعا للتأزيم في بلدنا في محاولة يائسة منها لزعزعة أمنه واستقراره ولمعاقبته على مواقفه السياسية وربما لأنه صمد في الوقت الذي أصبحت فيه دول عديدة في المنطقة ممحوة من الخارطة أو مهددة بالمحو.
وأود الإشارة ابتداء أن التعبير عن رفض الإجراءات الحكومية بالطرق السلمية هو حق كفله الدستور، وليس هو محور حديثنا على الإطلاق ، فمن حق أي مواطن أو حزب سياسي أن يعبر عن رفضه لأي قرار حكومي وخصوصا القرارات الأخيرة برفع الأسعار التي شكلت ضغوطا حقيقية على عدد كبير من المواطنين. فلا أحد يتوقع أن ينظم الناس قصائد مديح لإجراءات ضيقت عليهم سبل الحياة.
إن ما نتحدث عنه هو افتعال بعض الأحداث والوقائع لصب الزيت على النار وإلهاب الشارع وتجييشه لتحقيق مآرب محددة تخدم أغراض جهات ودول تعمل على تقويض الاستقرار في الأردن بكل السبل.
أما الأدلة على ذلك فتتمثل فيما أعلنته وحدة الجرائم الإلكترونية في مديرية الأمن العام من أن عددا كبيرا من المواد الفلمية للمسيرات التي جرت منذ عدة سنوات يعاد بثها هذه الأيام بكثافة ويروج لها على أنها التقطت هذه الأيام. وهذا العمل لا يمكن أن يتم صدفة بل تقف وراءه جهات معادية مغرضة لا تضمر الخير للأردن وللأردنيين.
كما تشهد العديد من المسيرات اندساس بعض العناصر مجهولة الهوية التي تطلق شعارات لم يتم التوافق عليها من قبل منظمي المسيرات والتي تهدف إلى حرف التجمعات السلمية عن أهدافها وتجييش الشارع، إضافة إلى افتعال الصدام أحيانا مع أبنائنا من الأجهزة الأمنية الموجودين أصلا لحماية المواطنين.
ولن نتحدث عن " حمى السطو " التي انتشرت كالحمى المسعورة فجأة في بلدنا، فقد تكون وراءها أيضا جهات مغرضة داخلية أو خارجية لتكريس انطباع مغلوط أن الأمور أفلتت من زمامها ، وأن الضغوط الاقتصادية هي التي تجبر الناس على اللجوء إلى هذه الأعمال الإجرامية، وهو أمر أبعد ما يكون عن الحقيقة ، فالفقراء هم أكرم الناس وأشرفهم وهم الأحرص على أمن بلدهم واستقرارها.
إننا في حاجة ماسة الآن إلى مزيد من الوعي لما يجري حولنا وفي ديارنا من ظواهر مستغربة وغير طبيعية وهي تشير إلى وجود " مايسترو " يحركها لتحقيق أهداف معينة .
لقد استطاع بلدنا أن يتجنب أحداث السنوات الخداعات بفعل حكمة قيادته ووعي شعبه ، وهو قادر على تفويت أطماع الحاقدين والمتآمرين.
ولا يساورنا شك أن الوصفة الأردنية الخاصة المتمثلة بحكمة القيادة ووعي الشعب قد أغاظت الكثيرين، ولهذا فهم يحاولون إعادة الكرة الآن، غير مدركين أن المواطن الأردني أوعى من أن تنطلي عليه محاولاتهم الساذجة البلهاء، إذ كان وعيه وسيظل الصخرة التي تتحطم عليها كل المؤامرات.