هل تحقق الجامعات الرسمية ربحا؟
نبيل غيشان
16-03-2009 03:08 AM
حظي ملف التعليم الجامعي في السنوات الاخيرة بتغطية اعلامية واسعة ابتداء من توسع التعليم الخاص ودور الدولة في الهروب من مسؤولياتها في توفير التعليم للجميع مرورا بتراجع نوعية التعليم وارتفاع التكاليف ودخول الوافدين على هيئات التدريس ووصول العنف الى الجامعات التي تحولت ساحاتها الى امكنة للمعارك العشائرية والمناطقية السخيفة بين الطلاب واخرها تدخل الحكومة في نقل وتعيين رؤساء الجامعات.
وقد اصدرت الحملة الوطنية من اجل حقوق الطلبة "ذبحتونا" دراسة الاسبوع الماضي حول واقع ومستقبل الجامعات الرسمية في ظل سياسات واستراتيجيات التعليم العالي سلطت من خلالها الضوء على حقيقة السياسات التي ينتهجها مجلس التعليم العالي وبيان واقع الجامعات الرسمية خاصة وضعها المالي.
خلصت الدراسة الى نتيجة في غاية الخطورة مفادها ان اربع جامعات رسمية هي (الاردنية والعلوم والتكنولجيا والهاشمية والبلقاء التطبيقية) اثنتان تربح من خلال نظام التعليم الموازي واثنتان (البلقاء والهاشمية ) تربح من خلال رسوم الساعات المعتمدة العادية.
وفي تفاصيل الدراسة فان"الجامعات الرسمية مجتمعة حققت ارباحا في السنوات الثلاث الاخيرة (2005/ 2006/ 2007), وحققت جامعة العلوم والتكنولوجيا منفردة ربحا بقيمة 15 مليون دينار في عام ,2007 وهي الاكثر ربحا بين الجامعات الرسمية العشر, بينما حققت الجامعة الاردنية ربحا وصل الى اكثر من 5 ملايين دينار.
لكن التقرير يقر بان الجامعة الهاشمية لم تحقق ارباحا في العام 2007 نتيجة النفقات الانمائية والرأسمالية الناتجة عن التوسع في المباني وبناء كلية الطب رغم انها حققت ارباحا في الاعوام السابقة تجاوزت 8 ملايين دينار وسجلت جامعة الطفيلة الخسارة الاكبر بين الجامعات الرسمية في العام 2007 والتي وصلت الى مليونين ونصف المليون.
وتنسب الدراسة الى تقارير ديوان المحاسبة - وهنا خطورة واهمية الدراسة- بان الجامعات الرسمية العشر مجتمعة حققت ارباحا في عام 2005 وصلت الى 16 مليون دينار وفي عام 2006 تضاعفت الارباح الى 38 مليون دينار وفي عام 2007 هبطت الى 21 مليون دينار.
وهذه النتيجة تفرح القلب اذا كانت هذه الارقام والاستنتاجات صحيحة, لكن للاسف لم نسمع من وزارة التعليم العالي ردا أو رأيا أو توضيحا لما جاء في دراسة حملة "ذبحتونا" وكذلك لم نسمع شيئا من مجلس التعليم العالي او من الجامعات الرسمية العشر لا ايجابا او سلبا, بل ان مسؤولا يقول "ان الدراسة لا تستحق الرد", وهذا كلام غير مقبول في مؤسسات اكاديمية تحترم القلم والورقة والرقم والحوار والاقناع في النقاش من دون "تطنيش" الرأي الآخر.
لان من حق الاردنيين ان يعرفوا حقيقة مؤسساتهم التعليمية وهل صحيح ان هذه الجامعات تربح ام لا؟ فاذا كانت تربح, من حق المجتمع بجميع شرائحه ان يتساءل عن استمرار جباية ضريبة الجامعة وضريبة الهاتف (5 ملايين سنويا) والى اين تذهب تلك الاموال? واذا كانت نتائج الدراسة غير صحيحة او غير دقيقة في ارقامها او استنتاجاتها, فان من حق الاردنيين ان يعرفوا الحقيقة, حتى يستمر دعم الجامعات او يزيد للايفاء بمتطلبات التعليم المحترم, وحتى نقطع يد "الشحده" والجباية الرسمية باسم العلم والتعليم وحتى لا يبقى الطالب يدفع ضعف التكاليف الحقيقية لدراسته الجامعية.
نراهن على حصافة واكاديمية رؤساء الجامعات, قبل الجهات الرسمية, من اجل توضيح حقيقة الوضع المالي للجامعات الرسمية, وحتى لا تبقى المنارات العلمية مثار شبهة او حسد, فهل من مجيب؟0
nabil.ghishan@alarabalyawm.net