عمون - لقمان إسكندر - اجتماعيا، إن العقاب الذي تلقاه المتهم بالسطو أو السرقة بنشر صورته في وسائل الاعلام يعني اغتيالا لجميع أفراد عائلته. أو قل "جلوة" نفسية واجتماعية للأبرياء من أسرته. أين يذهب هؤلاء الآن. هل نريد ان نحولهم الى عصابات عائلية؟

والافظع من كل هذا اننا لم نفعل ذلك سوى معهم. دائما ما كنا نشكو من وجود قضايا فساد في وسائل اعلامنا حتى من دون اسماء فاسدين. حتى صرخ بعضنا. الدولة تعترف بالفساد، لكنها لا تعترف بوجود فاسدين.

ما قمنا به خلال اليومين الماضيين اننا جرّدنا أفراد عائلة المتهمين من سترهم. عرّيناهم تماما. انه اغتيال صارخ لشقيقاته إذا جاءهن عريس. وانه اغتيال لشقيقه البريء إذا طلب، ولوالدته التي كم أرهقها صعودا.

أما أمنيا، فالخاسر الأكبر هو المجتمع. نحن بنشرنا صور المتهمين نفضحهم، ثم نمنحهم ضمانة أبدية بحقدهم على المجتمع حتى ولد الولد. أكثر من ذلك. نحن نفتح الطريق أمام أقاربه المحبين له أو المتعاطفين معه - ولو قليلا – ولو من باب الشفقة على ظروفه، منذ أن كان طفلا صغيرا. نحن نخلع عنهم أي حصانة لعدم انسلاخهم عن مجتمعهم.

الدولة سابقا تعبت، وهي تقنع الناس بأن يكفوا عن معاقبة من لا ذنب لهم في الجلوة العشائرية. لكنها اليوم تمارس الجلوة النفسية لعائلة المجرم. جلوة نفسية واجتماعية فيها نطلق الرصاص الخفي على صدور كل العائلة.

وكأننا مصابون بحالة انفصام. في جريمة قتل شاب لامه، نشعر بالتعاطف مع الأم القتيلة. لكن ماذا عن الأم المكلومة بولدها المجرم. لقد أرهقها قبل ان يخرج من البيت ليعبث بالمجتمع. هذا حاله. ثم نأتي نحن ونفضح بكبسة غباء رسمية أستار عائلة لا ذنب لها.