لقاءات جلالة الملك .. الاستغراق مع الرّفاق وحوار الجيل
د. نزار قبيلات
08-02-2018 04:44 PM
مؤخراً غدت لقاءات جلالة الملك غير الرسمية لقاءات ذات توشيح مختلف؛ فقد دأب جلالته على تفعيل نمطين من التحاور مع طبقتين متباينتين في العمر و الخبرة، ففي ثنائية الرّفاق و الجيل يرنو جلالته لفحص المسافة الفاصلة بين أُردن الثمانينيات و التسعينيات وأردن الإقليم الملتهب الواقع زوراً رهناً لتحولات سريعة كسرعة العصر التكنولوجي ومقتضياته التي أشعلت بلا توقع مسبق ثورات ربيع شبابي سهل أن يفقد وميضه لاحقاً، لعل هذا الحوار الداخلي الذي يحرص عليه الملك ينطوي على قلق غير خفي إزاء تحولات باتت مريبة وغير مفاجأة في مواقع الحلفاء والأصدقاء و الجيران.
ففي الجامعة الأردنية ظهر الملك في جلسة رباعية الأضلاع وهو يرتدي لباساً مريحاً ، إذ لم يرتدِ بذلته الرسمية أو زيّه الملكي، و كان الطلبة وقتذاك يسمعونه وهو يلح على ضرورة الشفافية و الحرية في طرح المشكلة و اجتراح الحل. إلى جانب هذا حاول الملك عدم الظهور بثوب الموجّه أو المرشد لطلبة باتوا يتقنون الجرأة وكسر الجليد في أفواههم و آذانهم، ربما تكون جِلسات جلالة الملك وهو يضطجع إلى جانب رائحة الفوتيك ونار الغفر أو لحظة حديث شجي مع أحد رفقاء الخندق والسرية أكثر عفويةً منها، غير أن ابتسامته في حوار الأردنية كانت أكثر رسمية وهو يتحدث إليهم مستمعاً تارةً وتارةً يرد على أسئلتهم الدقيقة عملياً، لقد صادفت في حرم الجامعة بعض الطلبة الذين رُشحوا للقائه وكنت قد لمست سعادتَهم من حديثه الذي أشعرهم بأهمية دورهم في قادم الأيام، لقد كان جلالة الملك يتحسّس المستقبل في عيون الشباب حين قال لهم بأن دور الكلاسيك قد مضى وبأن الكتل التي تتشكل يتأمل منها الكثير، ولعل هذه الجمل أهم ما لفت انتباه الكلاسيك أنفسهم قبل أن تتحول هذه الجملة إلا معول حقيقي سيحطم به الشباب الأردني جدار العزلة الذي صنعته أيدولوجيات طوتها دول المنبع.
ثمة لقاءات معلنة وأخرى غير معلنة تظهر دأباً ملكياً لتوسيع طاولة الحوار و السماح لأصوات جديدة وقديمة لأن تظهر في السيناريو الذي يتقنه الملك باحترافية، التمكين الذي ينشده الخطاب الملكي صار شفوياً و لم يعد مكتوباً، فجلالة الملك يحاول هذه المرة تقصير قطر دائرة الحوار ويأمل في الخلوص إلى مواقف و آراء حديثة من فم الخيرة و الجيل الجديد.