كثر المحللين والمشخصين وقارئ الغيب والتنبؤات، سيما مع الايام العجاف وتوتر الاعصاب ، تجدهم في كل مكان ، حتى في الاسواق والمجالس وربما في المواصلات العامة والطرقات ايضا ، ولم تعد الفضائيات والقنوات ملاذهم فقط..
احدهم التقيته في مكان ما ، وكان اول حديثه "الدنيا شوب " وكلانا يرتدي بلوزة صوف وجاكيت شتوي ، وما زلنا في عمق الشتاء وبرودته والمربعانيات وعلى ابواب سعد الذايح..!؟
ترددت ان استرسل معه فيما قال ، ثم امتنعت عندما تذكرت ان المحللين هؤلاء يعتقدون في انفسهم المعرفة المطلقة ، " يعني ابو العريف ويا ويلك اذا بتناقشه " حتى وان جانبهم الصواب غاليا..
وانتقلت معه للحديث في السياسة وشجونها، فوجدته متلهف للاسترسال ، سعة في الخيال فاق المعهود ، سيما في الشان الداخلي الذي انفتحت شهيته التهاما للواقع المر وضيق الحال ليخرج معه الخيال الخصب بروايات وتنبؤات خالطها الواقع و جموح الخيال..
لن اذكر ما جرى من حديث ، فالمرارة لديه علقم ، والخيال عنده تخطى الخطوط ، قد يطاله الحساب ، سيما في ايامنا العجاف هذه..
لكن المرارة ذكرتني، والشيء بالشيء يذكر، تذكرت سياسي حقيقي كبير، وليس محلل تنظيري يسبح في الخيال من جور المرارة والايام ، هذا السياسي التقيته عشرات المرات لم اسمع منه مرارة وخيال ، فالنعمة واصباغها تعدل المزاج والسلوك نحو الاعتدال والواقعية ، كما يقول ذلك علم النفس والاجتماع ايضا ، بقدر ما كان حديث هذا السياسي واقعي منفتح الذهن..، ولكنه هنا مليئ بالامال والوعود التي لم تكن سوى تخدير اخلف فيها، سيما عندما اصبح صاحب قرار ، فلم يكن سوى ؛ اذا وعد اخلف عندما تمكن...!؟
لن يفيد الاسترسال في غير مكانه وزمانه ، ويكفي القول ؛ من مرارة وخيال المحلل الخصب الى رغد عيش السياسي ومنهجه التخديري ، الذي وعد واخلف ، منهج الفقدان يتقاطعا معا، ان فقدان المصداقية تهدم جسور الثقة والمحبة الذي بدوره قد يهدم اوطان ..