أجندة عام (2018) الأردنية
د.رحيل الغرايبة
07-02-2018 12:40 AM
دعيت إلى المشاركة في ورشة عمل لمدة ثلاثة أيام بدعوة من مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، وضمت نخبة من المختصين وأهل الاهتمام في معظم المجالات الحيويّة المهمة؛ السياسية والاقتصادية والتعليمية والتربوية ورجالات القطاع الخاص، وبعض الوزراء والشخصيات الحكومية من أجل تقديم توصيات عملية للحكومة وأصحاب القرار لأجندة العام القادم «2018» تحت عنوان تكريس مبدأ الاعتماد على الذات.
عقد الورشة يعد مبادرة جيدة وفي الاتجاه الصحيح وتستحق الشكر والتقدير، من أجل تشجيع المؤسسات والمراكز البحثية الأخرى على توسيع دائرة الحوار والبحث فيما يخص مستقبل الأردنيين في ضوء المتغيرات الكبيرة التي تجتاح الإقليم والتي تحتاج إلى تضافر الأفكار والجهود من مختلف الأطراف على المستوى الرسمي والشعبي ومؤسسات المجتمع المدني، للمساعدة في بلورة رؤية شاملة جديدة قادرة على تشخيص الواقع والانطلاق نحو آفاق المعالجة الصحيحة.
هناك جملة من الملاحظات العامة في هذا السياق، تستحق التوقف من أجل تحقيق التقدم المطلوب على هذا الصعيد، وتجويد المخرجات والتوصيات القابلة للتطبيق والتنفيذ، ومن أجل إنجاح شعار الاعتماد على الذات ليكون حقيقة وليس كلاماً عابراً.
الملاحظة الأولى تتعلق بضرورة وجود رؤية استراتيجية بعيدة المدى للسنوات الأربع أو الخمس القادمة، بحيث تكون أجندة (2018) جزءاً من هذه الاستراتيجية الشاملة، ومن أجل تجزيء الأهداف الكبرى ومرحلتها، حتى نقف على حصة العام القادم من هذه الخطة المرحلية، وليكون عمل الحكومات متصلاً ومتوالياً ومتراكماً، لأننا في الأردن اعتدنا على تشكيل حكومات قصيرة العمر تفتقر إلى البعد الاستراتيجي في الرؤية والعمل، وكل حكومة تعمل بمعزل عن سابقاتها ومنقطعة عما يأتي بعدها، ولذلك نشاهد عملية البدء بمشاريع كبيرة ثم سرعان ما تتوقف وتتعطل بعد تغيير الحكومة، وهذا يدعونا إلى ضرورة إعادة المراجعة في طريقة و كيفية تشكيل الحكومات بعد مرور ما يزيد على (70) عاماً على ولادة الدولة الأردنية المكتملة، من أجل التركيز على النهج وليس على الأشخاص.
الملاحظة الثانية تتعلق بتوسيع دائرة المشاركة، وينبغي الانتقال إلى مرحلة تجعل الشعب شريكاً أصيلاً وفاعلاً في عملية التخطيط الشامل بعيد المدى والتنفيذ الواسع، وأن لا يبقى الشعب متفرجاً ومتلقياً وشاكياً متبرماً وناقداً سلبياً عن بعد، ومن هنا ينبغي المسارعة في عملية الانتقال نحو جوهر الديمقراطية الحقيقية المطلوبة، التي تعمل على تعظيم الدور الشعبي وتفعيله بطريقة منظمة وقادرة على استخراج الأفكار الجديدة والنابعة من الحاجة والواقع والقابلة للتطبيق.
الملاحظة الثالثة تتعلق بتفعيل شريحة الشباب بطريقة تعتمد التمثيل الحقيقي المرضي، وتبتعد عن الشكلية والانتقائية في الاختيار الضيق، من أجل العمل على إحداث تغيير عميق وواسع قادر على الانعتاق من الأطر التقليدية العاجزة عن مواجهة المستقبل، ويبدو أننا جميعاً حتى هذه اللحظة لم نقف على الفجوة الكبيرة الآخذة بالاتساع بين الأجيال، ولم نفلح أيضاً في إدراك معالم الخطاب القادر على اجتذاب الشباب وإلهاب مشاعرهم وحماسهم نحو الانخراط في العمل الجاد المنتج.
الملاحظة الرابعة تتعلق بالعجز الجمعي عن إدراك مفهوم مبدأ الاعتماد على الذات على وجه الحقيقة، ولم ندرك أن هذا المبدأ يعني الانقلاب على الذات وتدشين ثورة ثقافية عارمة قادرة على تغيير البوصلة وتغيير المنهج وأنماط العمل، وتغيير الأطر والأدوات والأساليب وتغيير الأشخاص والقيادات التي نشأت وترعرعت في البيئة الريعية والتي تشربت ثقافة الاعتماد على الآخر.
الدستور