الفدائي الراقص .. صورة الفلسطيني الجديد ..
06-02-2018 09:45 PM
عمون - لقمان إسكندر - عندما كان أحمد جرار يعيد رسم صورة الفلسطيني، كان الاحتلال الاسرائيلي مشغولا بمطاردة الفكرة.
لم يغضب نتنياهو بقتل جرار لمستوطن فقط، كان يعلم أن الثواني التي استغرقتها العملية الفدائية كانت ترسم للشعب مثله الأعلى. هنا صار الفدائي النموذج الوطني. وهذا بالضبط ما أرعب المحتل.
طوال سنوات ما بعد رسم الجنرال الامريكي كيث دايتون جنرال الصورة المستحدثة للفلسطيني الجديدة انشغلت السلطة الفلسطينية بتقديم نموذج الفدائي الجديد "الفدائي الراقص".
يرقص عندما يشعر أنه يحب فلسطين، ويرقص عندما يريد أن يخطب على منصة الأمم المتحدة، ويرقص حزنا عندما يقتل اليهودي أحد ابناء عمومته.
أحمد جرار قدم للفلسطينيين وتحديدا في الضفة الغربية صورة الفلسطيني ما قبل عام دايتون، والتنسيق الأمني المقدس.
أدركت اسرائيل ذلك سريعا، فطاردت الفكرة في شوارع جنين. وظنت أنها يمكن أن تصيدها صباح يوم الثلاثاء، عندما أعلنت عن اغتيال جرار .
جرار فعل أمرا واحدا فقط. رسم بقدراته وسلاح واحد مثل أعلى للشاب الفلسطيني القادر على الفعل.
هنا بالضبط خطورته، كما هي خطورة احتضان الفلسطينيين الجدد للفكرة، واخفائها عن عيون العملاء والعدو معا لعشرين يوما. عشرون يوما انشغلت اسرائيل كلها ليس بمطاردة احمد بل بمطاردة المثل الاعلى المتشكل للتو في شوارع الضفة. لهذا يعمد الاحتلال بالبطش بأي فعل مقاومة مهما صغر وبصورة مبالغ فيها، لكن ليس لأنها تخشى حجرا او سكينا، بل لأنها تخشى استقرار المثل الاعلى الفلسطيني في شوارع الضفة.
الضفة التي أريد لها أن ترقص حتى الصباح يوميا. وأريد لشبابها أن يضعوا "حلوقا" و"سناسل"، وتبكي فتياتهم على مطرب مرة قبل قليل من هنا.
لهذا مفهوم جدا ان تطوف على شبكات التواصل الاجتماعي الفلسطينية خبر عاجل بعد استشهاد أحمد بعشرة ساعات يقول: الاحتلال يحاصر بناية سكنية قرب الجامعة الامريكية شرق جنين وينادي بمكبرات الصوت : أحمد جرار سلم حالك"
هذا هو المعنى: إن الفلسطيني يعيد تشكيل مثله الاعلى من جديد، رغم عقدين على "شغل" دايتون فيه.