facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




العولمة .. ساسة بلا عقائد واقتصادات في الهواء!


شحاده أبو بقر
15-03-2009 12:43 PM

كل العالم يعاني اليوم ، الكبار والصغار يعانون ، الاثرياء والفقراء يعانون ، والمعاناة "وكل يعاني على قدره" ، سياسية بامتياز ، اجتماعية بامتياز ، واقتصادية بامتياز ايضا ، ولذلك اسبابه الجوهرية بالضرورة ، وهي اسباب لا بد مرتبطة بطبيعة النمط الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي يتخذ العالم منه اليوم منهج حياة !!.

هذا امر جد كبير وجد خطير ويحتاج الى مؤسسات تحلل وتدرس وتقرر ، فما هي الاسباب والمسببات التي آلت بالعالم الى ما هو فيه من ضنك وضيق وأزمة ، وعلى نحو جعل كل شيء معروضا للبيع ، حيث تفوق معاناة الكبار والاثرياء تحديدا معاناة الصغار والفقراء الذين لا يجدون ماديا ما يمكن ان يجعلهم قلقين كثيرا ، لا بل فان مصائب الكبار هونت من مصائبهم .

حال العالم اليوم يثير الشفقة ويدعو للتساؤل عن الاسباب التي أدت بقوى اقتصادية عظمى الى التهاوي تباعا وفجأة دون انذار ، ومرة اخرى فلا بد من ان يكون ذلك مرتبطا بالمنهج السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه الناس على هذا الكوكب ، وهو منهج جاء على شكل "طفرة" رافقت العصر الحديث " عصر العولمة " بكل ما نجم عنه من الغاء للحواجز بين الاقطار وتوحيد للتشريعات واستجابة للوصفات وسرعة مذهلة في اجتياز المسافات وتنفيذ للمشروعات الفعلية والوهمية على حد سواء ، وبصورة أغرت السواد الاعظم من الساسة ورجال المال و الاعمال ، ودفعت بهم الى المغامرة طلبا للثراء في طول الكوكب وعرضه!.
وبعد:

عندما يكون الفرد بلا عقيدة فهو تماما بلا هدف ، وهو شجر بلا ثمر ، ومظهر بلا مضمون ، والعقيدة – وهكذا هي الحياة – شرط اساس لاكتمال انسانية الانسان ، والعقيدة ايا كان نوعها " وافضلها عقيدة التوحيد " هي المبرر الاقوى للوجود ، وهي السبب المباشر لاستمرار الامل ، وفعلا ما أضيق العيش لولا فسحة الامل ! ، والعقيدة او المعتقد .. يأخذ مداه الاوسع والاصدق والاكثر واقعية عندما يكون ايمانيا ، والايمان يأخذ قدره الاعظم ومضمونه الاكرم ، عندما يكون ايمانا بوحدانية الله جل وعلا ، وهنا ندعو لاستعراض سيرة المذاهب السياسية عبر العصور لنرى كيف انها وقفت جميعا عاجزة دون ان توفر للانسان قدرا من حياة حرة كريمة ، لا بل فقد فاقمت معاناته جراء الحروب والنكبات والصراع على المغانم والمكاسب والمناصب وامتلاك اكبر قدر من القدرات المادية .

انحسار العقائد اوجد مشكلة عالمية كبرى ، خاصة في ظل " العولمة " حيث لا حدود ولا حواجز ولا حتى مسافات ، امام سطوة التكنولوجيا ومخرجاتها وما اشاعته العولمة من اوهام لعل من ابرزها تلك الاقتصادات المعلقة في الهواء ، فالفرد يمكن ان يصبح ثريا في لحظه ، وليس شرطا ان يتعب كثيرا لتحقيق ذلك ، والفلاحة صارت استثمارا سريعا ، وصارت زراعة الزهور اولوية ومصدر ثراء اكثر من زراعة " القمح " نفسه ، لا بل فقد دخل الفلاح في رهان مع الله جلت قدرته ، فهو ينتظر نزول المطر كي يبذر ، خلافا لما اعتاد عليه الناس عندما كان الفلاح يبذر في مستهل الموسم واثقا من ان الله لن يخذله ، اما اليوم فهو يمسك عن البذر محتفظا ببذاره في مستودعه الى ان ينزل المطر ، فان امطرت بذر ، وان حبست حبس ، وصار المال لا الغلال هو مؤشر الخصب والجدب ! ولا حول ولا قوة الا بالله ، وباتت الارقام المجردة هي الواقع الاقتصادي في سائر البلدان ، وتبدلت انماط البناء في الشرق تحديدا لتصبح محاكاة لذلك النمط الغربي القائم على معادلة الزجاج والاسمنت ، وسوى ذلك من ادوات البناء الحديث ، ومن يتجول في عمان مثلا يلمس هذا التحول الجديد الذي " يسرق " من عمان العزيزة وجهها التقليدي الذي تميزت به عن سائر مدن الارض ، وتلك هي مسؤولية القائمين على الامر!، واصبحت تجارة الخدمات السريعة هي العمود الفقري لاقتصاديات الدول النامية ، عوضا عن التعدين والحفر في باطن الارض وفي مناكبها مصداقا لقوله تعالى " واسعوا في مناكبها " ، ودخلت قواميسنا التقليدية مفردات ومصطلحات اقتصادية جديدة ، تتتحدث عن اقتصاد السوق ، والتجارة العالمية ، والاستثمار وما الى ذلك من قيم مستحدثة تزيد الاثرياء ثراء والفقراء فقرا ، وانطبق قول "محمد صلوات الله وسلامه عليه "على بعض التجار بأن صاروا فجارا ولم يبروا ولم يصدقوا ، فانحسرت مبررات الغلاء بوضوح ، وثبتت اسعارهم عند حدودها العليا ان لم تزد ، ولنا في الاردن مثال ساطع على حال كهذا ، عندما تعمد الحكومات الى تخفيض اسعار المواد الاولية والمشغلة للانتاج ، ولا يستجيب معظم التجار بل يواصلون رفع الاسعار !.
هي اذن العقائد المستحدثة ، وما هي بعقائد حقيقية ، عندما يفقد الفرد خصائصة كانسان ، فبدلا من ان يكون الانسان قائدا للتطور ، بات لاهثا خلف التطور ، وبتنا نتحدث عن انحسار الايدلوجيا في منظومة المسار الحزبي العالمي بأسره ، لتحل بدلا منها منظومة الاحزاب البرامجية الليبرالية المجردة، وهنا تتجسد حالة انعدام المعتقد ، بدلا من البحث عن معتقد يخلف عصر الايدلوجيا السياسية ، وهو عصر بدأ بالانهيار كاملا بمجرد انهيار المدد الشيوعي في هذا العالم !.

وهي العولمة اذن ، لا مجال فيها لايدلوجيا يجري اليوم تحميلها وزر التخلف الذي شهده بعض العالم عبر قرون قليلة مضت ، ولا لعقيدة سياسية اخرى غير العولمة تحديدا ، وهنا جاءت نذر الانهيار الجديد الذي يبشرنا خبراء الاقتصاد بانه لن يستمر طويلا ، وهم ذاتهم الخبراء الذين لم يبادر احد منهم الى توجيه ولو انذار بسيط بامكانية حدوث ذلك الانهيار ، وتلك هي مسؤوليتهم جميعا ، وبخاصة عرابو العولمة وفي طليعتهم البنك الدولي وصندوق النقد الدولي على وجه التحديد!.

من جديد لا بد للانسان وايا كان موقعه من "عقيدة " ، فهي سبيله الى الطريق القويم خاصة ان كانت عقيدة التوحيد والايمان بالله العلي القدير جلت قدرته ، وهي عقيدة تحرم بناء الاوهام على انها ارقام ، وتشترط للتعامل بين الناس ان يكون تعاملا صريحا وصحيحا وملموسا لا مجرد حبر على ورق !.

والساسة على وجه الخصوص ، هم المطالبون اكثر من سواهم باجراء المقارنة بين اقتصاد وهمي يمكن ان ينهار في لحظه ، واقتصاد حقيقي يمكن ان ينهار نتيجة اخطاء ملموسة ، ولكن في دهر لا في ثانية ، والساسة على وجه الخصوص كذلك ، مطالبون اكثر من سواهم ، باجراء المقارنة السياسية بين نشاط عام يجري وفقا لعقيدة ايمانية راشدة ، ونشاط عام يجري وفقا لاهواء آدميه تحتمل الخطأ والصواب وتبقى مهما تجبرت مجرد اهواء لا ثبات فيها ابدا .
ختاما : العولمة تنتج ساسة بلا عقائد واقتصادات في الهواء ، وذلك واقع ينتج دمارا للحياة ومعاناة للبشر ، والله من وراء القصد .

She_abubakar@yahoo.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :