-1-
حين تعجز عن المقاومة، لا تفعل شيئا فقط: قاطع، وتلك أدنى مرتبة في سلم المقاومة، وهي حق مصان لصاحبها، تجنبه مخاطر المواجهة، وكلفتها العالية!
حركة مقاطعة إسرائيل، أو ما يعرف بالـ BDS، حققت نجاحات لافتة، وسببت قلقا حقيقيا للكيان الصهيوني، وبوسع المرء أن يقرأ مئات الصفحات عن منجزاتها، في العالم كله، ولو لم تكن مؤلمة لهذا الكيان لما بدأت بالعمل على سن تشريعات لتجريمها، وملاحقتها دوليا، ووصل الأمر إلى منع دخول الكيان لكل من يتعاطف مع حركة المقاطعة!
-2-
يروي الكاتب العبري ب. ميخائيل، في مقالة له في «هآرتس» (19 مارس/آذار2017) هذه الواقعة: كنت في فبراير/ شباط 2011 في زيارة في جنوب أفريقيا، وقد وصلت إلى هناك مع مراسلين من أرجاء العالم، حيث تم استدعاؤنا لرؤية مشروع عن الصحة والتعليم والزراعة، وكان مشروعا لافتا. وُجد في الحافلة التي نقلتنا من مكان إلى آخر مرشدٌ من جنوب أفريقيا، أبيض في الأربعين من عمره، وقد شهد بأم عينيه الفصل العنصري وانتهاءه أيضا، أي أنه كان هناك ما يمكننا التحدث عنه، كان المرشد حازما وباردا ومتهكما، وفي الساعات الكثيرة التي قضيناها في الحافلة تحدثنا عن أمور كثيرة، مثل الأساطير الدينية الكاذبة التي أوجدها الأفارقة لتبرير التفوق العرقي على الأولاد السود. نعم، نعم، هكذا بالضبط. وتحدّثنا أيضا عن جهاز التعليم في أفريقيا الذي كانت له «إدارة وهوية أفريقية»، . في تلك اللحظة، وجهت سؤالاً أثار فضولي جدا، سألته: قل لي، ما الذي كسركم؟ ما الذي جعلكم تتراجعون وتنهون الأبارتهايد، وتؤيدون أحزاب فريدريك دي كلارك ونلسون مانديلا، وتُحدثون التحوّل الذي يصعب تصديقه، من نظام قمعي أبيض إلى ديمقراطية كاملة؟ وأجاب بلا تردّد «المقاطعة هي التي حرّرتنا. ...هل السبب هو النقص في الوقود والسلاح وعدم وجود الاستثمارات؟ طلبت منه التوضيح.
لا، أجابني، لم تكن هذه هي المشكلة، فدائما كان هناك أشخاصٌ جيدون قاموا ببيعنا الوقود.
«قوة الضعف طريقة ناجعة للتغلب على ضعف القوة، في مواجهة جبروتٍ له نقطة ضعفه هو الآخر» والسلاح وكل ما نريد.. قال ذلك، وهو يعرف من أين جئت «المقاطعة الثانية هي التي حسمت الأمر»، قال. وسألته ماذا كانت المقاطعة الثانية؟ فأجاب: المقاطعة الثقافية، الرياضية، السياحية، الفنية، الأكاديمية. الدول التي طلبت فجأة عدم منح تأشيرات الدخول، الجامعات التي أغلقت بواباتها بشكل فجائي، الفنانون الذين لم يصلوا، المسابقات التي أغلقت في وجه رياضيينا، الألعاب الأولمبية التي تم إخراجنا منها، كل ذلك هو الذي عمل على ليّ ذراعنا... أو فتح أعيننا... وهذا كان متعلقا بمن نتحدّث معه، ببساطة، مللنا من أن نكون منبوذين، مللنا من أن نكون كلمةً نابية دوليا، وملّ الناس من أن نكون شياطين العالم، كنا نريد أن نصبح طبيعيين، ودي كلارك ومانديلا اقترحا علينا الطريق، وبدورنا وافقنا».
-3-
حركة المقاطعة تحظى بدعم عالمي لافت، آخر دعم كبير لهذه الحركة جاء من النرويج، حيث قام أعضاء في البرلمان النرويجي بترشيح حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS) من أجل الحقوق الفلسطينية رسمياً للحصول على جائزة نوبل للسلام، تثميناً لدور الحركة في النضال السلمي والفعّال من أجل الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، هذا الترشيح يستحق دعمنا، خاصة في الإعلام الجديد والتقليدي، ولدى كل من له منبر للتعبير، شكرا للنرويج، في زمن الانتكاس العربي، والتكالب على الضحية والانتصار للقاتل!
الدستور