يجمع المحامون والقضاة على ان تعديلات التشريعات التي انجزتها وزارة العدل ومجلس الامة بطريق ( السلق المستعجل ) ستؤدي الى ارباك العمل القضائي ابتداء من مطلع هذا الشهر واغراق قضاة الصلح – وعددهم محدود – بكم هائل من القضايا اضافة الى الاختناق الذي تعاني منه محاكم الصلح اساسا ومنذ سنوات .
ان تعديل اختصاصات قضاة الصلح بإضافة ما لا يقل عن عشرين جرما الى اختصاصهم بدأ ينتج عنه منذ ايام تصاعد ملحوظ في عدد القضايا التي ينظرها قاضي الصلح ، ولكم تصور ان قاضي الصلح الشاب الحديث التعيين في القضاء و الذي ينظر ما معدله خمسين قضية في اليوم سينظر ستين او سبعين قضية يوميا بما فيها من سماع شهود ومتابعة وكتابة قرارات .. الخ وبخاصة بعد أن أضيفت الى اختصاصات قاضي الصلح جرائم ذات طابع خطير ومعقد مثل قضايا الاحتيال والتزوير .
لقد تلقفت وزارة العدل تقرير اللجنة الملكية لتطوير القضاء فسارعت الى انجاز تعديلات التشريعات باعتبار ان تعديل التشريع هو العملية الاسهل حيث يجلس ثلاثة من القضاة المنتدبين في الوزارة ويقومون بوضع التعديلات دون النظر الى النتائج العملية في المحاكم . ودون الالتفات الى أن اغراق قضاة الصلح بالملفات يعني اننا الان بحاجة الى ما لا يقل عن 150 قاضي صلح جديد حتى يمكن لنا القول ان القاضي يعمل بارتياح وتركيز وباختصار فان ما فعلوه لا يزيد على تفريغ محكمة واغراق محكمة و ستكون النتيجة في الاخيرة ( محاكم الصلح ) تراجع نوعية القرارات وبطء الاجراءات واطالة امد التقاضي .
ان تعيين 150 قاض جديد لمحاكم الصلح يحتاج الى 150 كاتب و 150 غرفة وتجهيزات وموازنة اضافية للرواتب فكيف يمكن للوزارة أن توفر ذلك اذا علمنا انه لا يوجد محكمة في المملكة لديها غرفة واحدة شاغرة !!.
ما حدث ان وزارة العدل التزمت بتنفيذ توصيات اللجنة الملكية ببرنامج زمني معلن ينتهي في الربع الرابع من العام 2017 وهو برنامج لم يوضع عبثا وكانت مبرمجا بحيث يتزامن سريان التشريعات المعدلة مع توفير الخدمات اللوجستية في المحاكم ومع انجاز الانظمة المتعلقة بالقضاة ، ولكن الوزارة لم تلتزم وما زال 40% من توصيات اللجنة الملكية لم ينجز ، بل ودخلت الوزارة في صراع ومناكفة مع القضاة والمجلس القضائي حيث ما زالت حتى الان تعطل انجاز تعديل نظام التأمين الصحي ونظام توحيد العلاوة القضائية وصندوق التكافل ، وبدلا من توسيع وتحسين مباني المحاكم احتفلت بتوسيع السجون .
اكرر القول هنا ان الاستياء في السلطة القضائية من مناكفات وزارة العدل بلغ حدا لا يطاق واعتقد ان المجلس القضائي لم يعد بإمكانه الصمت ازاء مطالبات رجال القضاء بالتأمين الصحي المطلوب الذي اوعز رئيس الوزراء بإنجازه فورا قبل اربعة اشهر فلم ينفذ توجيهه احد .
قال جلالة الملك ان المسؤول الذي لا ينجز لا ضرورة لبقائه في موقعه وبما أن الحكومة التزمت بتوجيه جلالته بتنفيذ توصيات لجنة تطوير القضاء والتزم السيد الوزير بذلك وفق البرنامج الزمني المعلن والذي انتهى اخر موعد فيه فإن على المقصر ان يمتلك الشجاعة لتحمل مسؤولية التقصير .