أصعب شيء يداهمك , حين تكون جالسا مع مجموعة من الأصدقاء هو إصابتك بحكة في الظهر ...تحاول عبثا أن تمد يدك إلى الجهة التي تحتاج (حكها) وتفشل ,تحاول أن تستند إلى الكرسي ..ولكن الكراسي لاتشفي الغليل مثل اليد ...وتخجل أن تقول لصاحبك الذي يجلس بجانبك : (حكلي ظهري) .
تغادر ...تحاول إيجاد حائط ما تسند ظهرك عليه , أوإيجاد أداة طويلة قليلا تصل إلى منتصف الظهر ...وفي النهاية , كل ما حدث لايشفي غليلك أبدا ..
تؤجلها حتى لحظة الوصول للمنزل , وتنادي أصغر الأولاد ..وتتذكر وظيفة طفولية أسندت لك في الصف الثاني , وهي حك ظهر الوالد ..تتذكر صوته وهو يقول لك : (تحت ..تحت شوي يا بوي )..وتتذكر أنك كنت تشفي غليله قليلا , وتحصل على قبلة ربما أو (شلنا) .
صار لإبني الأصغر وظيفة أخرى , غير وضع الهاتف على الشحن والبحث عن (ريموت ) التلفاز ,وهي حك ظهري ..والطبطبة عليه وأحيانا الصعود على أكتافي , من أجل حمله شوطا في المنزل , وأنا ما تخلفت يوما عن ذلك ..
الأيام متعبة , ولا يوجد فيها أجمل من يد ابنك الصغيرة , وهي تحك لك ظهرك , لايوجد أجمل من أصابعه , وهي تشفي غليل الجلد من تعب العمر أو مروره ...ويحاول أن يمازحك أحيانا , فيلعب بأذنك اليمنى ...أو يصعد على الكتفين , أو ينزع محفظتك من جيبك ..وترضى بشغبه فهو أجمل ما في العمر .
كلما كتبت حرفا عن بلادي , ردني الحنين لأبي ..لطفولتي وأنا أحك له منتصف الظهر ..وهو يقول لي : (عشت أبوي ..عشت ابوي) ..لهذا أنظر للأردن على أنه أبي ..
الرأي