سجل تاريخ الإدارات الحكومية الأردنية إستقالات ذاتية لوزراء على نطاق محدود جدا , لكن أياً منها لم يتعلق بضعف كفاءة فكانت معظمها على خلفية خلافات حول سياسات أو عدم إنسجام , وأغلب الوزراء والحكومات تقال ولا تستقيل .
في الأردن يتابع الناس أنباء التعديل الوزاري فقط لمعرفة الخارجين والداخلين لأسباب شخصية محضة , ولا يهتمون بالأسباب , وهو ما ساهم اليه التعديل وإختيار الوزراء في جعله على هذا النحو .
لا يعترف الوزراء بضعف الكفاءة , إذ يعتقدون أنهم الأكفأ دائما وأنهم الأجدر بالمنصب دون غيرهم حتى مع خروجهم من الوزارة يعبرون عن غضبهم وعن مشاعر الظلم ويتحولون من أعضاء في الحكومة الى ناقدين لها في كل مكان .
لذلك يلقى فيديو يعرض إستقالة وزير في بلد ما بسبب إخفاق أو خلل في إدارته ربما لا يكون هو المسؤول عنه مباشرة رواجا وإعجابا بين الناس فهذه ظواهر لا تحدث في بلدان نامية من بينها الأردن حيث ينظر المسؤول الى المنصب بإعتباره تشريفا لا تكليفا ومكسبا لا عطاء .
الأسبوع الفائت إنتشر شريط فيديو لوزير بريطاني إستقال علنا في جلسة لمجلس العموم لأنه لم يتمكن من الإجابة عن سؤال موجه اليه لأنه تأخر لدقائق , هذا يعكس عطش الناس لأن يعترف المقصر من المسؤولين بتقصيره فالناس تحب الجرأة في القرار الصائب كما تحبها في الإعتراف بالخطأ وقليل من الوزراء يقر بأخطائه .
لكن حتى لو أقيل الوزير بسبب ضعف كفاءة أو خطأ تبقى الأسباب مجهولة , ربما لأن المجتمع غير جاهز لتقبل الإدانة المعنوية للوزراء والسبب أن إختيار الوزراء في معظم الأحيان يتم على قاعدة الجغرافيا أولا ثم الكفاءة التي تأتي في المقام الثاني وهو ما يفسر غضب الأقارب على الحكومة التي يخرج منها وزير مقالا .
هذا النهج يحتاج الى مأسسة وهي تلك التي ألمح اليها جلالة الملك في حواره مع الطلبة , والتقييم يجب أن يرتبط بمدة زمنية تحتكم الى برنامج يخضع الى القياس ولما لا يكون هناك علامات نجاح وأخرى للرسوب قبل أن يتم تقييم أداء الوزير .
خضوع الوزراء لبرنامج تقييم يشترك فيه مجلس النواب والأجهزة الرقابية سيجعله أكثر حرصا على العمل والإنجاز , وشعوره بالرقابة المستمرة والمتابعة سيدفعه الى التقيد بالبرنامج بتفان .
هناك حاجة للإنتقال بشعار أن الوزارة تكليف لا تشريف الى مبادىء وأسس ولا بأس إن تم مأسستها بقانون خاص بالوزراء .
عدد محدود من الوزراء الذين تخلوا عن مواقعهم طوعا أولأسباب أعلنوها بأنفسهم حظوا بشعبية كبيرة وبإحترام في عيون الناس .
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي