اسرائيليات .. الكرسيلوجيا والايديولوجيا!!
محمد خروب
14-03-2009 08:33 AM
هذا الاسبوع، إذا لم تحدث مفاجأة في اللحظة الاخيرة، فإن بنيامين نتنياهو سيعلن اسماء حكومته الجديدة التي ستكون إئتلافاً يمينيا ؟ دينياً متطرفا، يصعب معرفة المدى الذي ''ستصمد'' فيه وبقدرتها المحافظة على تماسكها في ظل شريكين كبيرين لا يمكن التكهن بخطواتهما اللاحقة على اكثر من صعيد وهما حزب اسرائيل بيتنا بزعامة افيغدور ليبرمان (الذي يواجه تحقيقات قضائية يمكن ان تتطور الى توجيه لائحة اتهام في القضايا المنسوبة اليه وهي تبييض الاموال وتسلم رواتب شهرية ''خارجية'' اثناء توليه الوزارة وعضويته في الكنيست)، والحزب الاخر هو حزب شاس الديني الذي يرأسه أيلي يشاي ويتزعمه ''روحياً'' الحاخام عوفاديا يوسيف الذي أحبط مساعي تسيبي ليفني في تشكيل حكومة تخلف حكومة اولمرت (قبل انتخابات 10 شباط الماضي) وأصر على تلبية مطالبه خطياً ولم تكن زعيمة حزب كاديما لتتوقف عند الطلب الاول بزيادة مخصصات العائلات كثيرة الاولاد فوافقت على التعهد بزيادتها (رغم تمنّعها في البداية) لكنها رفضت بعناد ''لافت''، أن تلتزم خطياً او شفوياً بعدم ادراج ملف القدس الشرقية في المفاوضات مع الفلسطينيين فكان أن ''طارت'' فرصتها الذهبية بترؤس حكومة دون انتخابات، كما كانت حال اولمرت عندما خلف شارون بعد أن ذهب في غيبوبته المستمرة منذ اربع سنوات رغم انه (اولمرت) عاد الى الحكومة رئيساً بعد فوز كاديما في انتخابات العام 2006.
إئتلاف نتنياهو الذي باتت حقائبه شبه موزعة بين الاحزاب المشاركة والتي تستطيع تأمين مظلة نيابية من 65 نائباً هم: نواب الليكود (27)، اسرائيل بيتنا (15)، شاس (11)، المفدال (5)، يهدوت هاتوراه (4) والاتحاد الوطني (3)..، لا يتشكل بسهولة وهو ما يزال حتى اللحظة يواجه صعوبات عديدة سواء في التزام نتنياهو تجاه حليفه الاكبر افيغدور ليبرمان الذي قد يكون وزير الخارجية الجديد لكن اصراره على بقاء وزير العدل دانييل فريدمان في منصبه قد يحول دون اتمام ''الصفقة'' لان جهات عديدة حزبية وسياسية وقضائية تحذر من اعادة توزير فريدمان وبخاصة ان الرجل معروف بعدائه لمحكمة العدل العليا ورئيستها دورييت بينش، ويدعو في شكل دؤوب الى تقليص دور المحكمة في شؤون البلاد، اضافة الى ان نتنياهو يواجه مشكلة داخل حزبه نفسه وربما يسهم في عودة بروز ظاهرة ''المعسكرات'' التي ميزت الليكود طوال الفترة التي تلت انسحاب مناحيم بيغن واعتزاله العمل السياسي وظهور اسحق شامير زعيماً لذلك الحزب اليميني المتطرف، ما أدى الى تحديه من قبل قادة احزاب صغيرة اندمجت في الليكود مثل نسيم زفيلي في الاحرار وديفيد ليفي من ''جيشر'' الذي اعتصم وانصاره احتجاجاً على عدم توزيره فبقي وزيراً للخارجية لثلاث سنوات قبل ان يأفل نجمه.
سيلفان شالوم وزير الخارجية السابق واحد ابرز نجوم الليكود والذي فاز بالمرتبة الاولى في الانتخابات التمهيدية التي جرت في العام 2006، يواجه الان المصير الذي كاد ان يطيح بمستقبل ديفيد ليفي السياسي قبل ان ينجح الاخير (وأنصاره) في الاحتفاظ بالخارجية، شالوم لا ينجح في ما يبدو حتى الان، رغم انه سار على الدرب ذاته وحشد مائتين من انصاره، مطالبين نتنياهو بمنح شالوم حقيبة الخارجية او المالية او منصب قائم باعمال رئيس الوزراء لكن رئيس الحكومة المكلف يرفض الخيارات الثلاثة، فالخارجية ستذهب لليبرمان والمالية لعضو ضعيف من الليكود كي يحتفظ لنفسه بلقب ''مستر اقتصاد'' فيما سيقوم بالغاء المنصب الاكثر خطورة في نظره وهو القائم باعمال رئيس الوزراء، الذي يعني ان من يشغله سيكون بالتالي رئيس الوزراء ''التالي'' في حال اضطر رئيس الحكومة ''القائم'' التخلي عن موقعه بسبب المرض او الفساد كما حدث (صدفة) مع ايهود اولمرت الذي خلف شارون بعد الغيبوبة التي اعجزته عن العمل، ولهذا لم يكن مستغرباً ما قاله نتنياهو من انه لا يريد ان يشرب من زجاجات ''مفتوحة''.. حتى ''لا يتسمم''.
الخلافات المتأججة داخل الليكود قد تضعف من مكانة نتنياهو لكن الاخير لا يبدو - حتى اللحظة - قلقاً في شأن ''الحركات'' التي يقوم بها سيلفان شالوم رغم تعبير الاخير عن ''القلق العميق'' من الاتجاه المتبلور لحكومة نتنياهو وخاصة في مجال فرض القانون (اعادة تعيين فريدمان) وفي المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي (المقصود هنا تعيين ليبرمان في الخارجية وتسليم حقيبة مهمة لحزب شاس الديني) ولعل الردود اللاذعة التي رد بها مسؤول كبير في الليكود على انتقادات شالوم تكشف اللامبالاة (ظاهرياً) التي يبديها نتنياهو ''مذهل كم هي سرعة تحول الكرسيلوجيا الى ايديولوجيا'' في غمز من قناة سليفان شالوم الذي رد هو الاخر في شكل تصعيدي ''موضوع الحقائب لم يكن في أي مرة هاماً لي. أثبتُ ولائي لمبادئي ومبادئ الليكود حين لم انسحب الى كاديما مع ارئيل شارون وتنازلت بذلك عن منصب وزير الخارجية، بحيث انه لا يمكن الادعاء ضدي بان هذا هو ما يعنيني''.
هل ينقسم الليكود أم سينجح نتنياهو في الابقاء على تماسكه وبالتالي التمكن من اعلان إئتلاف يميني ؟ ديني يكتب جدول الاعمال الجديد لاسرائيل وربما للمنطقة؟.
الاحتمال الثاني وارد بقوة... لأنه لا خيار أمام نتنياهو سوى إئتلاف كهذا، لأنه غير معني بالرضوخ لطلبات ليفني او باراك.