ايجابيات الغياب الاردني عن قمة الرياض
فهد الخيطان
14-03-2009 08:24 AM
** المصالحة انهت تحالف المعتدلين وحررت الدبلوماسية الاردنية من الالتزامات
لا يرى المسؤولون في غياب الاردن عن قمة الرياض المصغرة انتقاصا من دوره او تنكرا من طرف الحليفين السعودي والمصري لمكانة الاردن في محور الاعتدال العربي الذي جمع الدول الثلاث طوال السنوات الاخيرة. وفي تصريحين متتاليين فسر وزير الدولة لشؤون الاعلام نبيل الشريف ووزير الخارجية ناصر جودة عدم دعوة الاردن للقمة بالقول ان »الاردن لم يكن طرفا في الخلاف حتى يكون طرفا في قمة المصالحة«.
لم يقنع التوضيح الرسمي العديد من السياسيين والمحللين الذين اصروا على اعتبار الغياب دليلا على تراجع الدور الاردني في المشهد السياسي العربي.
من وجهة نظري لا يمكن اعتبار الغياب عن قمة الرياض دليلا على تجاهل المصريين والسعوديين للدور الاردني لان ما قاله الشريف وجوده دقيق الى حد كبير. فالرياض والقاهرة كانتا في حرب سياسية واعلامية مفتوحة مع دمشق خلال الفترة الماضية بدأت منذ العدوان الاسرائيلي على لبنان 2006 واستمرت حتى نهاية العدوان الاسرائيلي على غزة 2009 وفي الفترة الفاصلة بين الحربين شهدت العلاقات بين الجانبين توترا غير مسبوق كاد ان يؤدي الى قطع العلاقات الدبلوماسية.
في هذه المواجهة السياسية وقف الاردن الى جانب السعودية ومصر لكن علاقاته مع سورية ظلت قائمة على كل المستويات رغم البرود الظاهر وعندما اتجهت الرياض الى تسوية خلافها مع سورية بادر الاردن على الفور لتعزيز علاقاته مع دمشق.
لكن هذه التطورات اصبحت خلفنا, المهم كيف ستسير الامور في المستقبل؟
اعتقد ان لعدم حضور الاردن قمة الرياض فوائد كثيرة اهمها ان المصالحة التي تمت بشكل مباشر بين السعودية وسورية ثم بين مصر وسورية برعاية سعودية والاتفاق على آليات مشتركة لادارة العمل العربي المشترك في المستقبل تحرر الدبلوماسية الاردنية من استحقاقات التحالف الثلاثي مستقبلا وتجعل هامش المبادرة السياسية واسعا امام القيادة الاردنية للتحرك في كل الاتجاهات وهي متخففة من اثقال الالتزامات. تجاه الحلفاء في الرياض والقاهرة.
لو حضر الاردن قمة الرياض فسيجد نفسه ملتزما في المستقبل بمسار العلاقات بين المتصالحين ومضطرا لتقليص علاقاته مع دمشق اذا ما عادت الخلافات مع الرياض وهكذا.
لقد قاطع الاردن تقريبا قمة دمشق العام الماضي ارضاء للسعودية ومصر ونشط الى جانبهما لافشال قمة الدوحة الطارئة واتخذ سلسلة من المواقف والسياسات انسجاما مع ميثاق تحالف المعتدلين ورسم سياسته تجاه الوضع الفلسطيني على ضوء التفاهمات المشتركة مع الطرفين.
المصالحة انهت عمليا صيغة التحالف الاردني مع السعودية ومصر واطلقت يد الدبلوماسية الاردنية لتنسج ما تراه مناسبا من اتصالات وعلاقات تخدم مصالحها وهي فرصة ينبغي استثمارها من دون تردد.
بوسع الاردن الان ان يجري اتصالات علنية وسياسية مع حركة حماس ويوسع دائرة علاقاته مع سورية ويمضي في خطة المصالحة مع قطر وعليه بعد الان ان لا ينتظر موقف هذه العاصمة او تلك عند اتخاذ قرار المشاركة في قمة عربية او اجتماع تشاوري.
لكن عليه في ذات الوقت ان يحافظ على علاقات وثيقة مع السعودية ومصر.
في مثل هذا المناخ العربي يستطيع الاردن ان يستعيد حضوره السياسي والاقليمي اما اذا تردد في استثمار الفرصة فان رأي القائلين بتراجع الدور الاردني سيكون صائباً.0
fahed.khitan@alarabalyawm.net