مؤتمر سوتشي اهم ما جرى والنتائج والتوقعات
اللواء المتقاعد مروان العمد
02-02-2018 04:56 PM
عقد يوم الثلاثاء الموافق ٣٠ / ١ / ٢٠١٨ مؤتمر سوتشي حول سورية بحضور عدد كبير من السوريين من المعارضة وأكثر من النظام وتغيب عدد من ممثلي المعارضة وبتمثيل منخفض للدولة الداعية والدول الراعية ومقاطعه لعدد من الدول المدعوة مثل الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا. وقد تأخر انعقاد الجلسة الاولى للمؤتمر حوالي الساعتين. وأخذت بعض الفضائيات تعد نفسها للاحتفال بفشل هذا المؤتمر. فقد ذكرت هذه الفضائيات ان من أسباب تأخر انعقاد المؤتمر هو رفض حوالي مائه شخص من المعارضة السورية التي قامت تركيا بجمعها من فنادق أنقره وإستنبول والذين يمثلون معارضات الشمال السوري ووضعتهم في الطائرة للمشاركة في هذا المؤتمر بعد ان حصلت على بعض التسويات. الا ان هذا الوفد ولدى وصوله الى مطار سوتشي رفض مغادره المطار والذهاب الى مكان الاجتماع لأنه شاهد علم سوريا يرفرف في المطار مع شعار المؤتمر وأعلنوا انهم لن يجلسوا تحت هذا العلم والذي يمثل الدولة السورية والذي هو علم الوحدة السورية المصرية والذي كان قد تم اعتماده عام ١٩٥٨ عام الواحدة ولغايه عام ١٩٦١ عام الانفصال. ثم تم اعتماده مجدداً منذ عام ١٩٨٠ وحتى الآن، في حين انهم كانوا يحملون العلم الذي يمثل المعارضة ويلوحون به وهو العلم الذي صدر بمرسوم خاص من سلطات الانتداب الفرنسية عن طريق المندوب السامي هنري بوسو ١٩٣٢ وأصبح يعرف باسم علم الانتداب. وعندما نالت سورية استقلالها في عام ١٩٤٦ استمر هذا العلم كعلم لسورية المستقلة وأصبح يعرف بعلم الاستقلال ولغايه عام ١٩٥٨. وقد طالبت هذه المجموعة بأنزال العلم السوري الرسمي. وعندما تم رفض طلبهم الغير معقول من الناحية البرتوكولين كونه ورغم كل شيء هو علم النظام الذي لا يزال يعترف به العالم رغم ادانه ممارساته، فقد استقلوا الطائرة عائدين الى حياه النعيم في فنادق تركيا بعد ان فوضوا وليه نعمتهم تركيا لتمثيلهم والتحدث باسمهم في المؤتمر لينضموا الى أعضاء الهيئة العليا للمفاوضات الأربع العشرين الذي أعلنوا مقاطعتهم للمؤتمر في وقت سابق. كما جرى الحديث عن مقاطعه الأكراد لهذا المؤتمر وقد تبين ان ذلك يعود الى خضوع روسيا للشروط التركية باستبعاد حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ووحدات حماية الشعب الكردي من المؤتمر وعدم دعوتهم له واعطا تركيا الضوء الأخضر لعملياتها العسكرية ضد الأكراد في منطقه عفرين. كما قاطعته كافه الأحزاب السياسية الكردية والإدارات الذاتية لهم في شمال سورية بسبب عمليه غصن الزيتون والتواطؤ الروسي مع تركيا فيها .
كما تم نشر اخبار عن مقاطعه المندوب الاممي استيفان دي مستوره للمؤتمر بالرغم من ثبوت عدم صحه ذلك فيما بعد حيث تبين وجوده ومشاركته في نشاطات المؤتمر
ورغم ذلك ورغم الغيابات فقد عُقد المؤتمر والقى وزير خارجيه روسيا سيرغي لافروف كلمه فيه تم مقاطعتها من قبل بعض ممثلي المعارضة متهمين روسيا بالتسبب في قتل المدنيين اثناء غاراتها على سورية ، في حين هتف أنصار النظام لروسيا ومثمنين لها دورها في دعم النظام في سورية .
وفِي نهاية المؤتمر تم إصدار البيان الختامي الذي كان معداً مسبقاً والمكون من اثنا عشر بنداً تمثل المبادئ نفسها التي قدمها مبعوث الامم المتحدة الي سورية في الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف مع تعديل طفيف يتعلق بتعديل الدستور حيث أعلن عن تشكيل لجنه خاصه بهذا الموضوع نصفها يمثل النظام ونصفها يمثل المعارضة بجميع اطيافها بعد ان كان سيتم إيكال هذه المهمة الى لجنه بأشراف الامم المتحدة الامر الذي كان يرفضه الطرفان .
وقد اكد البيان الختامي على احترام سياده سورية ووحده أراضيها واستقلالها دون تنازل عن أي جزء من أراضيها وعدم التدخل في شؤونها وضرورة ان يقرر الشعب السوري وحده مستقبل سورية عن طريق الانتخابات وبالوسائل الديمقراطية مع حقه الحصري في اختيار نظامه . كما نص البيان على ان تكون سورية دوله ديمقراطية غير طائفية وقائمه على التعددية بغض النظر عن العرق او الدين. وبناء جيش وطني قوي وموحد يقوم على الكفاءة ويحمي حدودها وسكانها من التهديد الخارجي والارهاب وفقاً للدستور وبأعلى المعايير. وبناء مؤسسات امنيه ومخابرات تحفظ أمن البلاد مع الخضوع لسياده القانون واحترام حقوق الانسان .
كما نص على تشكيل لجنه برئاسة دي مستورا وتحت غضاء الامم المتحدة تضم ممثلين عن النظام وممثلين عن المعارضة بما فيها التي قاطعت المؤتمر ويكون منهم خبراء سوريين وممثلين للمجتمع المدني ومستقلين وقيادات قبليه ونسائية بغرض صياغه إصلاح دستوري يسهم في تحقيق التسوية السياسية التي ترعاها الامم المتحدة وفقاً لقرار مجلس الامن الدولي رقم ٢٢٥٤ .
وبعد المؤتمر أعلن الضامنون الثلاثة روسيا وتركيا وايران رضاهم عن مخرجاته وكذلك دي مستورا فيما أعلنت الدول الغربية ان لا حل نهائي الا عن طريق جنيڤ . اما المعارضة التي عارضت المؤتمر فلا بواكي لها حيث انها وضعت كل بيضها في السلة التركية ومنحتها توكيل على بياض لتنطق باسمها وتمثلها وكان ان وقعت على البيان الذي أعلنت رفضها له قبل صدوره .
هكذا عقد المؤتمر وهكذا انتهى وصدر عنه بيان ختامي يتضمن امنيات وأهداف لا زال يلزمها الكثير الكثير لتجد طريقها الى التنفيذ وتحتاج الى العديد من المؤتمرات والعديد من الجلسات وربما احتاجت الى العديد من السنوات لتجد طريقها الى التطبيق اذا بقي الحال على ما هو عليه وإذا استمرت الولايات المتحدة الأميركية بفرض وجودها وتدخلها في الشأن السوري واستخدام أكراد سورية مسمار جحا لها تعلق عليه خططها لمستقبل سورية وتستخدمهم لتنفيذ غاياتها . وإذا استمر التدخل التركي في سورية على ما هو عليه من فرض وصايتها وأجندتها عليها بحجه القضاء على الخطر الكردي عليها في حين ان القضاء على الخطر الكردي عليها يتطلب منها إجراءات داخل حدودها بأن تعطي اكرادها حقوقهم السياسية والاجتماعية، وإذا لم تتنازل تركيا عن أحلامها بأعاده امجاد دولتها العثمانية وسعيها لأقامه قواعدها في مختلف أنحاء الوطن العربي. وإذا استمرت المعارضة السورية ألعوبة في أيدي جميع الأطراف التي لا تسعى الا لتحقيق اطماعها ومخططاتها وإذا لم تدرك هذه المعارضة بعد هذه السنين السبع انها لم تحقق انتصارها بل على العكس من ذلك فهي لم تحقق الا الهزائم ولم يعد لها تواجد ملموس الا على اقل من خمسه عشر بالمائة من اراضي سورية وان بقاء ذلك التواجد لا يعود لقوتها بعد تخلي معظم الداعمين عنها ولكن للتوازنات الدولية التي تحرص على تواجد لهذه المعارضة لتنفيذ أجنداتها للحل الذي تريده في سورية من خلالها. وإذا لم يدرك النظام انه ما عاد بإمكانه ان يحكم سورية بصيغه الماضي وانه خلال السنوات السبع الماضية مرت الكثير من المياه من تحت الجسر وان الكثير مما تهدم لا يمكن أعاده بنائه على الأسس القديمة وانه لابد وان يقدم الكثير من التنازلات فحياه الاوطان ومستقبلهم اهم من حياة الأفراد وسلطاتهم. وإذا استمرت إيران ترى انها ورثت سورية كتعويض عن معركتي صفين وكربلاء. وأنها أصبحت من ممتلكات الامام الولي الفقيه. وإذا ما استمرت روسيا بالنظر الى سورية كحصان طروادة تمتطيه لتعيد امجاد الاتحاد السوفياتي الغابرة وإذا لم تقوم بممارسه ضغوطها على اصدقائها بالنظام لتعيدهم الى ارض الواقع وان سورية لكل ابنائها. وإذا لم يتوقف السعي للإمساك بالورقة السورية من مختلف الأطراف الدولية التي تجلس على طاوله الروليت بهدف الفوز بها وببترولها وغازها وخيراتها.
والى ان يتحقق ذلك فسوف يسيل الكثير من الدم السوري وستعقد الكثير من الاجتماعات وسيستهلك الكثير من الحبر .