انتابتني في الأيام الماضية أزمة نفسية من كثرة ما قرأت وسمعت وشاهدت لدرجة أنني أصبت بشلل دماغي أقعدني عن التفكير، حيث ما عدت قادرا على استيعاب ما يجري من حولي، وسجلت عقمي على عدم قدرتي في الإجابة عن العديد من الأسئلة التي تثور ولا تهدأ في رأسي، ثم لملمت أفكاري وجمعت أوراقي في محاولة للإجابة عن سؤال واحد هو، ماذا يريدون منا؟
كل يوم يطالعوننا بشعار جديد ومطلب جديد وخطاب جديد، اؤلئك الذين يعتقدون أنهم حاملون لواء الديمقراطية والحرية، مختبئين خلف شعارات براقة، ظاهرها كلام معسول وباطنها ويل وثبور، ماذا يريد أصحاب الأجندة الخاصة بهذا الوطن ولهذه الأمة وهذا الشعب؟بدأً من الوطن البديل إلى الملكية الدستورية، ثم إلى العشائرية التي أضحت أساس الفساد،.....ولا تكاد قائمة مطالبهم وأهدافهم تنتهي،يلقون فقاعة صغيرة لجس النبض، يتبعونها بأخرى اشد وطأة من سابقتها، ليتبينوا رد الفعل استعدادا لمنازلة أخرى، ترى ماذا خلف الأكمه؟
وها هو البعض منهم يطل علينا كرأس الأفعى تبث أفكاراً مسمومة، وذنبه عند غيرنا يرقص، وما الملكية الدستورية(أي أن الملك يملك ولا يحكم) والتي أصبح البعض يروج لها إلا واحدة من تلك الأفكار السوداوية التي يراد بها إخراج الأردن وأهله للانضواء تحت عباءة مستوردة فكراً وتنظيماً، هؤلاء ومن ساندهم، المعروفة أجندتهم، يعلمون علم اليقين أن الأردن بقيادته الهاشمية عصي على كل معتد أثيم، والأردنيون الأقحاح قادرون على تغيير اتجاهات بوصلتهم في الوقت المناسب، وأن هذا الشعب من المستحيل أن يسجل في صحيفته نقطة سوداء والانجرار خلف أطروحاتهم. وإن وجد بيننا من يجول في ذهنه مثل ذلك يكون كمن حشر رأسه في عش الدبابير، هالك لا محالة.
أما فكرة الوطن البديل، فتلك خطيئة أخرى تضاف إلى سود صحائفهم بعد أن تم وأدها في مهدها وما محاولة ترويجها والنفخ فيها إلا من باب عقمهم السياسي بعد أن أصبحت مستحيلة رابعة، وإن انبراء البعض لركوب مطيتها، والاختباء خلفها بكلمات تحتمل التأويل بقصد التهويل، ما هو إلا محاولة منهم في العودةٍ إلى واجهةٍ أوشكت شمسها على الأفول وأعلنت إفلاسها السياسي وعجزها عن مقاومة المد الأردني الجارف وفقدت بريقها ولمعانها الشعبي.
أما العشائرية فقد أصبحت بقدرتهم لا بقدرة الله صفة ذميمة ومحتقرة، بعدما تناسى البعض منهم أن أس وجودهم ما كان ليكون لولا وجود العشائر الأردنية، حيث الأردنيون بعشائرهم العريقة، مثل شجرة السنديان، جذورهم ضاربة في أعماق الأرض والتاريخ، وفروعهم تعانق عنان السماء، ليستظل بها بعض المرجفون من بني جلدتنا ، ثم يرجموها بحجارتهم لتساقط عليهم من رطبها، هؤلاء الذين ما تعودوا إلا أن يكونوا مثل نبات البقدونس عديم الجذر والساق، ينبت على وجه الأرض كزغب في وجه طفل يافع ما يلبث أن يزول قبل سن البلوغ.
إن العشائر الأردنية هي التي صنعت تاريخ الأردن وما زالت وستبقى، وهي التي أوجدت ظهرا للبعض ليحتمي خلفه ووطنا ليختبئ فيه، وهم نواة الجيش العربي الذي حمل السلاح واستبسل دفاعا عن قضايا أمته وقدم شهداء المجد والكرامة لكي يعيش العرب في عز وكرامة ، والتحفوا الجوع وافترشوا الفقر ليغنى البعض ويلهو البعض الآخر في ملاهي الذل والهوان، كعادة أي جبان مستفيد من ثورة الشجعان، وللحديث بقية.
kalilabosaleem@yahoo.com