قيل القناعة كنز لا يفنى، ولذلك يزداد عدم الرضا عند الناس إذا قلّت قناعتهم بما رزقهم الله تعالى، وفي هذه الحالة تكون عيون الناس فارغة وتزدري نعمة الخالق، ومن كان فيه هذه الصفات لن يكون سعيداً، بيد أن أصحاب القناعة والرضا هم أسعد الناس حتى وإن كانوا يعيشون على الكفاف، وعلاوة على ذلك فالزهد في الدنيا يزيد القناعات الإيمانية باطراد:
1. القناعة والرضا بما قسم الله تعالى مؤشر إيماني مؤثر يجعلنا راضين بالموجود ولا نتطلع للآخرين مهما علت مراتبهم أو زاد رزقهم، ومهما قلّت أو دنت أرزاقنا، ببساطة ﻷن الرزق من عند الله تعالى فهو الذي يهبه وهو الذي يمحقه.
2. القناعة سبب رئيس في البركة وعزّة النفس والراحة، ولذلك الطمع لن يؤدي للشبع، وحال اﻹنسان الطمّاع كالنار ويقول هل من مزيد؟
3. بالمقابل الرضا يدخل السرور والسكينة على القلب ويبعد الشقاء واليأس، ولذلك فالرضا بقضاء الله وقدرة منزلته عظيمة.
4. العزّ يكون بالقناعة والرضا بالكفاف، ولهذا فالقناعة تكون بالقليل والرضا باليسير والزهد ديدنهما.
5. القناعة في الرزق كنز مفقود عند الكثيرين، ﻷن معظم الناس يظن أن الرزق هو المال لكنه أكثر من ذلك بكثير، فالرزق الصحة والذرية والزوجة الصالحة والسعادة والعلم وغيرها.
6. مطلوب منّا أن نرضى بما قسم الله تعالى لتتولّد لدينا قناعة بمنزلة اﻹيمان العظيم، فالعيون والبطون والجيوب الفارغة لا يملأها إلّا التراب.
7. هنالك كثير من حالات الزهد بالمقابل وكثير من الكرماء والمنفقين هم يحترمون أنفسهم ويحترمهم من حولهم.
8. وفِي الزهد أقول: عجبت لمن يجري ويلهث وراء المال وهو تاركه،
وعجبت لمن يخاف على الرزق والله رازقه،
وعجبت لمن يبني قصور الدنيا والقبر مسكنه.
8. ولذلك:
لبيت تخفق اﻷرياح فيه - أحب إليّ من قصر منيف
ورزقك ليس ينقصه التأنّي-وليس يزيد في الرزق العناء
ومن ظن أن الرزق يأتي بقوة-ما أكل العصفور مع النسر
وبالطبع، الزهد في الدنيا لا يعني عدم الأخذ باﻷسباب!
بصراحة: قناعات ورضا كثير من الناس تتهاوى هذه اﻷيام والسبب نقص إيمانهم، وسعادتهم لن تكون على اﻷرض ولو بمال قارون ما لم تقترن باﻹيمان الصادق بأن الرزق مقسوم من عند الله تعالى، ولذلك فالزهد ديدن القناعة والرضا.