عن الاصلاح السياسي المنتظر
شحاده أبو بقر
12-03-2009 01:43 PM
الاصل في الاصلاح وبالذات الاصلاح السياسي هو ان يكون وطنيا وبامتياز ، بمعنى ان كل ممارسة او مبادرة او اجراء او قانون يندرج في اطار مهمة الاصلاح ، لا بد وان تكون منطلقاته وطنية ابتداء ، على ان الوطنية في مفاهيم العصر ليست مجرد شعور بالاعتزاز بالدولة التي نستظل وبالارض التي عليها نعيش ، وانما هي حالة تتجاوز ذلك معنويا الى حيث المشاعر الانسانية الاوسع رقعة ومجالا" لو صح التعبير"، وصولا الى الفضاء العقائدي الديني والعرقي القومي والانساني البشري ، وذلك امتثالا لارادة الله جل وعلا ، وانسجاما مع الحقائق الكونية التي لا تقر بالقطرية المفرطة والجهوية الظالمة والطائفية الهدامة والاقليمية النتنة والعنصرية العفنه... الخ.
اردنيا.. لا بد من الاصلاح باعتباره حاجة انسانية مستمرة ما دامت الحياة ، وهو اصلاح يفترض طبيعيا ان يكون اصلاحا وطنيا بهذا المعنى ، اي اصلاحا ذا هوية اردنية عربية اسلامية رداؤها هاشمي مستمد من خصوصية القيادة الاردنية ، وهي خصوصية تمثل مصدر ثراء سياسي اجتماعي اقتصادي هائلا لا مثيل له في هذا الكون.
بصراحة.. يحتاج اقطاب السياسة في الاردن الى ادراك اهمية هذا البعد العربي الاسلامي الهاشمي الذي يفترض ان يشكل المحور الرئيس والعمود الفقري لاية خطة او مشروع اصلاحي سياسي اردني منتظر ، وبصراحة اكثر يحتاج اقطاب السياسة الاردنية الى ادراك ان المصالح العليا للدولة في حاضرها ومستقبلها تحتاج الى تجذير الهوية السياسية للدولة من خلال مشروع اصلاحي متكامل يؤمن بان الدولة الاردنية هي مملكة من حيث مضمون نظامها السياسي ، واردنية من حيث"مسقط رأسها السياسي"لو جاز التعبير ، وعربية من حيث انتسابها القومي ، ومسلمة من حيث المعتقد ، وهاشمية من حيث الصفة الملازمة لكل عنوان من هذه العناوين الاربعه ، اي هي مملكه هاشمية واردنية هاشمية وعربية هاشمية ومسلمة هاشمية تستوعب جميع الاديان والمعتقدات والاجتهادات والاعراق .
في اطار هذا الفهم يفترض ان تتم صياغة المشروع السياسي الوطني الاصلاحي الاردني العام ، وهو مشروع لا بد وان يستند الى حقيقة ان كل المنخرطين في اطار الهوية السياسية للدولة الاردنية متساوون في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الاصل والفصل والمعتقد والمذهب ، فالاصل ان الانسان بصورته المجردة هو المفردة الاولى في تركيبة الدولة العربية الاردنية الهاشمية المسلمة .
ندعو لدراسة معمقة لمثل هذا التصور الذي يجمع ولا يفرق ، على قاعدة ان كل مفصل من مفاصل اداء الدولة لا بد وان يكون واضحا ومرسوما ومكتوبا بشفافية ووضوح كاملين كي يطمئن الجميع الى الحاضر والمستقبل بالذات ، وكي يعي الجميع بالتالي الدور المطلوب منه النهوض به كانسان يحيا على ارض هي ارضه ودولة هي دولته وحاضر هو حاضره ومستقبل هو مستقبل ابنائه واحفاده... الخ.
باختصار ، فان صياغة المشروع الاصلاحي السياسي لمستقبل الدولة الاردنية على اساس مرتكزات خصوصياتها الخمسة انفة الذكر ، هي السبيل الامثل ربما لتلبية طموح الجميع دون انحياز لطرف دون اخر ، او تكريس لمنهجية فئة او مجموعة بعينها دون غيرها ،.
وهي صياغة تنطلق خلافا لحديث التداول التقليدي للسلطة ، من حقيقة ان الاردن دولة مختلفة عن سواها ، وحالة يمكن ان تكون انموذجا جديدا لديمقراطية متطورة تمزج بين الشورى كمبدأ حكم اسلامي عظيم ، وبين الديمقراطية كاسلوب واليه لتحقيق هذا المبدأ ، ولكن باسلوب يحول دون تكريس الدكتاتوريه والاستبداد عندما يكون %51 من اي مجتمع هم اصحاب الحق في تحديد مضمون وشكل الحياه فيه و %49 ليس لهم ادنى دور في هكذا حق،.
اعرف ان الامر شائك ويحتاج الى دراسة وتعليل وحوار اكثر ، واعرف كذلك ان هناك من سيعارض بسبب نقص في الوعي ربما او بعد عن الادراك ، ولكنني اعرف في المقابل ان السواد الاعظم من الناس هنا يبحثون عن صيغة تجمعهم على محبة البلد والاخلاص للمستقبل وللحياة والوجود.
She_abubakar@yahoo.com