العرموطي تكتب: ماذا يريد الأردنيون من الملك في عيده
خولة العرموطي
31-01-2018 09:08 AM
احتفل الأردنيون، صغيرهم قبل كبيرهم، بعيد ميلاد جلالة الملك بالأمس، والمتابع للتهاني لجلالته يتأكد أنه بات بالنسبة لشعبه بمثابة الأمل الوحيد والخلاص، أو بمعنى آخر يخرج بانطباعٍ ان الاردنيين محبطين إلا من الملك.
الأردنيون اليوم يرون كل من هم دون جلالته "عبئاً عليهم" ولا يعتبرون أن هناك من يمكن أن يتفهم احتياجاتهم ويكون ملجأهم الا هو، وهذا أمرٌ وان كان فيه جانبٌ من التأكيد على الالتفاف والاجماع على القيادة الهاشمية، إلا انه يؤشر ايضاً على مساحةٍ كبيرة من الخطر على تماسك المجتمع، فالمواطن لا يستطيع ان يرى أي خيرٍ من الحكومة وكذلك حاله مع ممثليه (النواب)، ولا نبالغ إذا قلنا ان نسبة كبيرة من الاردنيين باتت ترى بأفراد السلطتين التنفيذية والتشريعية "خصماً"، وهذا بحدّ ذاته يظهر "أزمةً" صعب التغاضي عنها.
الحكومة تبدو كخصمٍ رغم الانجازات التي حققتها، والسبب الابرز هو انها غامرت مجدداً بـ"محاربة البسطاء بقوتهم وقوت أبنائهم"، وهنا الانطباع يغلب الحقائق، فمهما ساقت الحكومة من مبررات ومسوّغات، سيبقى المعلّم الذي يتقاضى 300 دينار، يرى أن تكلفة حياته ازدادت 24% على الاقل دون أن يرتفع راتبه، وكذلك الجندي والحارس والموظف، والأهم العائلات المستورة في كل المملكة التي تتقاضى معوناتٍ من الدولة، فحتى هؤلاء طالهم الغلاء وسيشعرون به أكثر في الايام المقبلة.
في ملف الأسعار ذاته، يرى الشارع ان النواب -الذين وقف الى جوارهم الشارع ليصبحوا ممثلين له-، تخلّوا عنه في حربه مع الغلاء وارتفاع الأسعار، لا بل ويراهم متآمرين مع الحكومة ضده، وممررين لسياساتها، وهنا مجدداً حتى وان كان لدى السادة النواب مبرراتهم فالأردنيون لديهم وقائعهم التي يستندون عليها.
ملف الاسعار بالنتيجة، انعكس سلباً على مصداقية الحكومة أمام الشارع في توقيتٍ حسّاسٍ للغاية، فباتت حتى وهي تسوّق مواقف مشرفة كالاعتذار الاسرائيلي على حادثة "حارس السفارة" تتعرض للهجوم من الشارع والتكذيب فتنكشف مجددا أزمة الثقة بينها وبين الشارع، وتقلل من حجم الانجاز الذي يُحسب لجلالة الملك بالضرورة.
صحيح أن الحكومة لديها معطيات رقمية صعبة، وقد اطلعت على جانبٍ منها في خدمتي البسيطة فيها، ولكنها حتماً مشت بالطريق الأسهل دون أن تُسلّف الشارع أي شيء يجعله يتردد قبل مخاصمتها، حتى لو كان ذلك على شكل مواجهة التهرب الضريبي المتراكم وتحصيله.
في النتيجة، وليس بسبب ما قامت به الحكومة قدر ما هو بسبب الالية والكيفية، انحصرت امنيات الاردنيين في عام جلالة الملك الجديد تتلخص بإقالة الحكومة وحلّ مجلس النواب، وهنا لا اتحدث عن أي نخبة، وانما اكثر عن البسطاء الذين يعانون من اشكالية التعايش مع اقل من 300 دينارٍ كل شهر.
*وزيرة تنمية اجتماعية سابقة.