منتعلو الصحافة و حفاة القلم
د.عبدالفتاح طوقان
12-03-2009 01:11 PM
يبدو ان الخلاف الاردني الكويتي بين "موقع عمون الاخباري " و جريدة "الراي العام الكويتية " دخل في نطاق تعريفات صحفية جديدة ، حيث و بعد ان نشرت الصحيفة الكويتية خبرا عن فتاه اردنية في الخامسة عشر من العمر هربت من اهلها و مارست الدعارة بدينار ،
بعنوان " متغيبة الجليب " تبيع "المتعة الحرام " بدينار ، و نشر في موقع الجريدة التالي :
http://www.alraimedia.com/alrai/Article.aspx?id=117644&searchText=متغيبة%20الجليب
هاجم موقع عمون الالكتروني الاردني جريدة الراي العام الكويتية لهذا الخبر الصحفي واضعا مانشيت رئيسي على صحيفته الالكترونية يقول فيها :
" جريدة الراي العام ...حين تكون الكتابة الصحفية بالنعال "
http://www.ammonnews.net/article.aspx?articleNO=35309
و لم تكتف "عمون " بذلك بل اسقط احد كتاب عمون هجوما شرسا و الفاظا قاسية في حق "ليس الجريدة " و لكن الكويت و شعبها و اصولها ، مطلقا الفاظ مثل " نباح الكيمياء " و رهط المتكوتين و الشواطيء المالحة و حياة مصطنعة و غيرها من الفاظ على الموقع نفسه ، و لم يسلم من قلمه الهنود و الايرانيون وابناء شط العرب باشارات اللمز و الغمز منتشيا للهجوم على من يعتقد انهم "الاعداء ".
http://www.ammonnews.net/article.aspx?articleNO=35337
و اود هنا الاشارة الى مجموعة حقائق ، رغم عدم تاييدي لما نشربصورته كما هي و لكنني لست مع سياسة المنع او الحجب و احترم كل صحفي و كل راي و جهد مهني.
الحقائق ابدائها بأن الخبر الذي نشر في الراي العام الكويتية ، و التى هي جريدة واسعة الانتشار وتحظى بقراء عرب و لها من المصداقية العالية والاحترام ما يؤهلها لتكون احد الجرائد الخليجية الهامة عربيا، وهي التى اصدرت اكثر من عشرة الاف عدد يومي حتى الان ، و حسب مصادر الجريدة و مخفر الشرطة الكويتي فالخبر من منطلق مهني صحفي بحت هو خبر صحيح واكيد و غير ملفق او مدسوس . و تم التاكد منه من اكثر من مصدر واحد على حد معلومات الجريدة الكويتية .
و ان كان الاساس في الاصل هو السترة على المسلم ، و لكن الجريده لم تنشر اسم الفتاه و لا عائلتها و اكتفت بنشر جنسيتها . و هذا يحدث مع العديد مع الصحف العالمية البريطانية و الامريكية و العربية التى تنشر قضايا و اخبارا مشابهه ، الم تنشر الاهرام اخبارا في صفحة الحوادث شبيه بتلك تناولت ليست فقط الجنس و انما تجار المخدارات والتهريب عبر الحدود الذي قام به اردنيين و غير اردنيين . و الم تنشر الصحف الاسبوعية المحلية مثل "شيحان و غيرها اكثر من ذلك على صفحات جرائدها الاردنية و ضمن نظام و قانون المطبوعات الاردني . فماذا حدث ؟
و الم تنشر صحف الامارات و البريطانية قضية السيدة التى مارست الجنس مع رجل في الجميرا و ووضعت صورها و جنسيتها ، و الم تنشر المانيا قصة الخيانه لرئيسة مجلس شركة عالمية مع رجل هولندي و غيرها ، فلماذا التحسس الزائد هنا مما ينشر .
ان موقع "ايلاف " نفسه كان قد نشر عن الدعارة في اكثر من دولة ، باسمها و مكوناتها هادفا الى ايقاف مثل تلك الممارسات و البحث في اسبابها و تاثيراتها على المجتمعات العربية المسلمة .
و الصحافة الموضوعية لها الحق كل الحق في النشر و الاعلام و النقاش .
الخلاف المهني هنا هل يجوز او لا يجوز نشر مثل تلك القصص بالتفصيل ، و هو ما يشابهه مهنيا هل صور القتلى و الدماء يجوز او لا يجوز نشرها ،وهو خلاف قائم بين المدرسة البريطانية و الامريكية في الصحافة ضمن الاطر المهنية، و هل تخدم معلومات و صور النشر الخبر ام لا تخدمه؟
ثانيا و الاهم ان الصحافة في دولة الكويت ، هي صحافة حره ، و صحافه ديمقراطية ، قل مثلها في الاردن او العالم العربي ، بل و ان مجلس الامة الكويتي يحمي الاعلام الحر و يدعم الاقلام الحرة ، و ليس فقط يدعم بل يؤطر لمساحات ديمقراطية حقيقية غير متوافره حتى في الاردن حيث قوانين النشر تمنع و تحاكم و السيطرة شبه الحكومية على بعض الجرائد لا تزال هي الاساس مما حدا بالملك عبد الله الثاني ان يدعو للاصلاح السياسي في اخر لقائاته مع شرائح المجتمع ، و لعل كتابات و مواقف المجلس النيابي الكويتي في اسقاط حكومات كويتية و الحديث عن مخالفات من الاسرة الحاكمه نموذجا يتبع و قدوه في النشر و الحريات العامة منذ تاسيس دولة الكويت و حتى يومنا هذا . لا أحد فوق المساله في دولة الكويت مهما علا شأنه او كبر منصبه .
تلك الامور لم يلتفت اليهأ الزملاء ممن هاجموا صحيفة الراي العام الكويتية . و لا يزال هناك تحسس صحفي منذ ايام خلع الرئيس صدام هن الحكم و غزو الكويت .
ثالثا و من منطلق الحقوق ، اين ذهبت حقوق الطفلة الاردنية ، و اقول الطفلة التى لا تفهم في الجنس و لا في قيمة المال و لا في قيمة ما فعلته ، من يرعاها و ما دور وزارة الشؤون الاجتماعية الاردنية و مؤسسات الطفل الاردني و القنصلية الاردنية في الكويت وغيرها ممن سمعنا و قرأنا عنهم . ما هي مسؤولياتهم في الحفاظ على الاطفال و متابعة شؤون الرعايا و الاهتمام بهم .
ان الطفلة الاردنية ذات الخمس عشر ربيعا هي ضحية مجتمع , ضحيه اسرة ، ضحية واقع ، تركت الصحيفة الاردنية الطفلة و حقوقها في حياة امنه مستقرة واعيه نظيفة ، و هاجمت الكويت صحافة و شعبا ووصفتهم " بالكتابة بالنعال " ، متانسين الاخوة ممن اهداهم الرئيس صدام سكنيا صحفيا و دعموا الرئيس المخلوع "صدام " في توجاهاته العدوانية على الكويت الشقيق ، بأنهم صفقوا منذ ايام لنعال الصحفي "الزبيدي : ،فاين الناعل من النعال هنا .
لم يكن الاردن الهاشمي المنبت و الاصل يوما ناكرا للجميل ، و لا لسانه لتحقير الاهل و الاصدقاء ، و اخلاقياته دوما بنيت على اخلاق الملوك ، فماذا حدث ؟.
دولة الكويت ، لها الفضل في تأمين الحياه لاربعمائة الف اسرة اردنية على مدار ثلاثين عاما ، و مساهمات الكويت في دعم الاردن باعتباره خط المواجهه الاول كانت من الاشقاء الى الاشقاء ، و اليوم اكثر من اربعة مليارات دينار استثمارات كويتية في الاردن ، من تمويل اوراق الصحف ، الى شبكات الاتصالات ، الى المدن و المخازن في العقبة ، الى شركات العقارات و غيرها .
و اقصد هنا ، الا يبيع احد نفسه لموقف انفعالي او تصفيق اجرب او لجذب انتباه ، و ليس مطلوبا التغاضي عن خطاء اذا حدث مقابل المواقف الكويتية لشقيقتها الاردنية ، و لكن تحكيم العقل والوجدان و المنطق .
هل في لحظة غضب ، غير مبررة ، يخلع الصحفي نعاله و يكتب حافي القدم و العقل.
استراتيجية الاعلام دوما بحاجة الى توازن فكري ، جامع لا مفرق ، توضح و تحلل و تخطط و تقييس افضل الفرص لتطوير علاقات الدول و الاشقاء و تخدم المجتمعات .
ليس كل من امسك بقلم كاتب ، و لا كل من شتم و هاجم مبدع ، و لا كل من نشر صحفي ، و لا كل من سكت انه لا يعلم الحقيقة و الدوافع .
على الصحافة الحرة المستقلة ان تخلع "رواسب الاحذية الفكرية التابعة لنظام خٌلع من العراق" ، و ان تلبس لباس العقل و الحكمة .
و للاخوة في " الراي العام " الكويتية مراعاة المشاعر التى اشعلتها حربا لا ناقة لنا فيها و لاجمل فكلنا ابناء منطقة واحدة جذورنا و انتمائنا العروبي اكبر من كل مقاسات......هنا او هناك.
فالامر لا يخلو .
aftoukan@hotmail.com