في عيدكم سيدي .. معكم ماضون وعلى خطاكم سائرون
أ.د. عدنان المساعدة
30-01-2018 11:18 PM
السادس والخمسون من عمركم المديد يا سيدي المفعم بالحيوية والعزيمة وعلو الهمة وقد زادكم الله وقارا وهيبة وحكمة وكنتم بحق نبراسا يضيء طريق هذه الامة التي ادلهمت بها الخطوب حيث لم ولن تنل لكم قناة وكنتم دائما كالطود الشامخ في قراع هذه الخطوب تزرع دروب الأمل والعمل بحكمة الشيوخ وهمة الشباب وعزيمة القادة الملهمين الذين نذروا انفسهم للنهوض بأوطانهم وشعوبهم، نعم، يا معلمنا وسيدنا، لم تنل لكم قناة في مواجهة الأخطار والأجندة التي تحاول النيل من منعة أردننا ليبقى وطنا مهاب الجانب أمام الأخطار والتحديات، كما كنت القائد الشجاع فكرا ورأيا وجنديا مقداما في كل المحافل الدولية تنافح عن قضايا الأمة بلسان عربي مبين بالحجة والمنطق وقوة البصر والبصيرة. فكنتم قلب الأمة النابض وضميرها اليقظ وصوتها القوي والجريء في المنتديات والجامعات العالمية المرموقة تحاور بفكر ثاقب ولغة خطاب عز نظيرها دفاعا عن قضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية حيث كنت النصير والسند لشعبنا الشقيق في فلسطين لنيل حقهم المشروع في اقامة دولتهم على تراب أرض فلسطين الطاهرة وعاصمتها القدس. ولم يغب عن جلالتكم دفاعكم المستمر عن الأقصى الجريح والقدس الشريف التي تعيش في وجدانكم وضميركم اليقظ الحي وكنتم الاكثر حضورا وتأثيرا على المستويين الإسلامي والدولي في نقل ما جرى مؤخرا تجاه القدس إلى العالم انطلاقا من دوركم التاريخي بالولاية الدينية في رعاية المقدسات والحفاظ عليها.
كما كنت القريب من هموم شعبك أبا رؤوفا واخا كريما وصديقا صادقا صدوقا فنلت حب شعبك الوفي وعشت في وجدانه وعقله وضميره تحمل أمانة المسؤولية توصل الليل بالنهار وتجوب الدنيا تنقل صورة الوطن ووجهه المشرق تنتصر للحق ولا تهادن باطلا أيا كان مصدره أو دوافعه. واستمرارا لنهج الحكم الفريد للدولة الأردنية التي حملت مبادئ آمنت بالحرية والعدالة والحياة الفضلى وكانت عربية الرسالة والنهج ...هاشمية المنطلق والفكر تحمل مبادئها بأمانة وقوة فكنت الملك المعزّز بحق ...نذرت حياتك لوطنك وابناء شعبك وأمتك موصلا الليل بالنهار ليبقى هذا الوطن عصّيا على كل حاقد أو متآمر، وكان هذا الوطن ملاذا لكل مستضعف كتبت عليه الأقدار وضاقت به السبل من أبناء أمتنا العربية التي تحمل همومها وتدافع عن قضاياها في كافة ارجاء الأرض بالقول الثابت والحجة الدامغة القوية التي تدحض كل باطل وظلم وطغيان. ... كما نجحتم يا مولاي في الدفاع عن ديننا الإسلامي الحنيف وتوضيح صورته دين الوسطية والاعتدال الذي يواجه الفكر الظلامي وأصحاب العقول المتحجرة والسوداء التي تشوه ديننا العظيم واسلامنا بريء من فكرها المنحرف وهمجيتها التي تقتل الانسانية وتفتك بالإرث الحضاري باسم الدين تقودها عصابات مارقة من الخوارج الجدد ومن زعران العالم الذين فاقت أفعالهم شريعة الغاب.
وأصبح صوت مليكنا المفدى عبد الله الثاني بن الحسين ضمير الشعب والأمة وضمير كل منصف في العالم فحملتم بحق رسالة الكرامة والمجد وترجمت معانيها قولا وعملا ليبقى أردننا عربي الضمير والرسالة.
وفي مجال التعليم اننا ندرك حرص جلالتكم على بناء الإنسان المتطور بعقله وسلوكه وفكره ليستمر البناء والإنجاز… فالتعليم النوعي والرصين بمختلف مراحله الذي يوازيه منظومة قيمية وأخلاقية مستمدة من ديننا الحنيف ومن أصالة هويتنا ونبل عاداتنا هو ركيزة أساسية للنهوض في كافة مرافق الدولة الأردنية التي تنعكس على مفهوم التنمية الشامل، فكانت الورقة النقاشية السابعة لجلالتكم التي تمحورت حول التعليم الذي يشكل المرتكز الاساس للنهضة والتطور وخوض غمار التكنولوجيا والمعرفة والتنافس دونما تردد أو وجل أو خوف لنضع أردننا والانسان الاردني على خريطة المعرفة العالمية والتأثير والتأثر بها ايجابيا ونوعيا لنترك بصمات واضحة المعالم لأجيال المستقبل الذي هو مستقبل أردننا الغالي.
نعم ايها السيد والقائد لقد حرصتم على توجيه الحكومات لتصحيح بوصلة التعليم ومنها ما جاء في خطاب العرش الملكي السامي أمام مجلس النواب في جلسته التي عقدت يوم الأحد 15/11/2015 ليضع الجميع أمام مسؤولية وطنية لمراجعة مواطن الخلل التي شابت مسيرة التعليم، وتشخيصها ومعالجتها بشكل جذري، وإعادة توجيه بوصلة التعليم التي انحرفت عن مسارها الصحيح بسبب كثرة التنظير الذي لم يرافقه منهجية عمل جادة ومتابعة ومسؤولية. إن الرؤية الملكية السامية لتحقيق مفهوم التنمية الشامل الذي يرتبط ببرامج جامعاتنا ومنابرنا التعليمية وتوجيه مسيرتها نحو الاهتمام بالمحور النوعي في التعليم والبحث العلمي والتوجه نحو التوسع العمودي في التعليم وضبط الامتداد الأفقي له أهمية كبيرة كي تخرج الجامعات من قوالب التعليم الجاهزة والتقليدية والمتكررة الى قوالب جديدة أكثر استيعابا لمتطلبات العصر ورفع سوية التعليم والبحث والتطوير في مؤسساتنا التعليمية مع ادخال أساليب التحليل المنهجي والعلمي الذي يثري ويزود الطلبة بمخزون معرفي واسع والحصول على المعلومة الحديثة، ولا يتحقق ذلك الا بتضافر الجهود المخلصة والجادة التي يرافقها تفكير ممنهج وإدارة تعليمية تنهض بالمؤسسة التعليمية برمتها، إضافة الى إصلاح جذري يرافقه إصلاح قيمي وتربوي لإحداث النقلة النوعية التي أشار اليها جلالة الملك في أكثر من مناسبة لتنعكس آثارها على مفاصل الحياة في مجتمعنا وللنهوض بمكانة الأردن إقليميا ودوليا.
وتمّيز نهج جلالته بالعمل والإنجاز والإيثار رغم التحديات الصعبة والظروف القاسية ومضى جلالته في تحديث مملكتنا وتطوير مؤسساتها وبناء الإنسان الأردني المؤهل في كافة المجالات. وكان جلالته بحق الحريص على وضع الأردن وأبنائه على قائمة الأولويات محور ذلك تنمية القوى البشرية التي تسهم في عملية التنمية الشاملة، مؤمنا جلالته دائما بأن إحداث التنمية الحقيقية يكون بإحداث نقلة نوعية في التعليم في كل مراحله، ولتأخذ جامعاتنا دورها المحوري كمنارات علم وحاضنات وعي وفكر ونهضة لنرتقي ونحقق ما يطمح اليه جلالة الملك بالعمل الصادق والجهد الدؤوب والتفاني من أجل مستقبل الأجيال ومستقبل الوطن الذي يشكل التعليم والتعليم العالي الركن الأساسي للتقدم والنهضة وبناء الإنسان المؤمن بربه والمنتمي لوطنه وقيادته الهاشمية.
لقد وجه جلال البوصلة الوطنية وشخصّ الكثير من القضايا التي يجب مواجهتها ومعالجتها بحزم وقوة حيث تقع ضمن مسؤولية الدولة كما هي مسؤولية المواطن، لأن الوطن بحاجة الى كل جهد وطني مخلص وصادق. وتابعت مسيرة البناء والإنجاز في أردننا الغالي باستشراف آفاق المستقبل وإدراك حجم المسؤولية بإيمان ووعي لمواجهة التحديات التي تواجهنا على كل صعيد.... وها هي مملكتنا الحبيبة تتزين جبالها وسهولها ووهادها وجباه ابنائها التي لوحتها أشعة الشمس بالغار والفخار وهي تسير بخطى واضحة ثابته ومبادئ رصينة قوية لم تتلون ولم تتبدل يوما ولم تنحن لعاصفة الظروف والتحديات، بل كانت تواجه الصعاب لتبقى أسوار الوطن حصينة منيعة عالية برعاية الله وحمايته، وحكمة قيادتنا الهاشمية، وحرص حماة الوطن من الرجال الرجال الذين عاهدوا الله عليه وما بدّلوا تبدّليا ليخرج الوطن أكثر صلابة وأشد عودا وليبقى شوكة في وجه كل معتد أثيم.
والدولة الاردنية هي الأقوى في تماسك وحدة ابنائها، ونسيجها الاجتماعي المتين، وترفض كل من يحاول الاساءة الى بلدنا الواحد الموحّد الذي نقدّم أرواحنا رخيصة من أجله ليبقى عالي الشأن وسيد الأوطان. لقد أكد جلالة الملك وبشكل واضحّ أن الأردن يمتلك الرؤية الشاملة للإصلاح الحقيقي وحماية قيم الديمقراطية وحماية وحدة نسيجنا الاجتماعي وتمكين مؤسساتنا الوطنية في صناعة القرار الذي يخدم مسيرة أردننا الغالي نحو أردن قوي مزدهر وآمن. كما أن الأردن سيبقى عربي الرسالة والنهج والانتماء وسيبقى بعون الله حصنا قويا يدافع عن قضايا الوطن والأمة بسياسة حكيمة وواعية يقودها ملك شاب عربي هاشمي وضع بلده الذي أحب في مكان عال حيث أصبح صوت الأردن هو لسان الأمة ويتكلّم باسمها بقوة المنطق وروح الانتماء لمبادئ الرسالة التي عاش لها الهاشميّون عبر تاريخهم الذي سطرّوه بالتضحية والفداء لتحقيق ارادة الامة وكرامتها وحريتها في وطن حر كريم.
وفي غمرة الاحتفال بهذه المناسبة الوطنية الغالية التي تجسّد ولاءنا لقيادتنا الهاشمية الحكيمة وانتماءنا لثرى هذا التراب وواجب الدفاع عنه متسلّحين بالإيمان نترسّم عزيمة وخطى جلالة سيدنا لاستشراف المستقبل الواعد الذي سنبنيه بعون الله بالسواعد المؤمنة والمنتمية وبالجهد والعمل الموصول والإخلاص، لنكون قادرين على ترجمة الانتماء الحقيقي عملا وقولا لتحقيق المزيد من الانجاز والبناء لوطن عزيز يستحق منا كل التضحية، نوجه البوصلة دائما بما ينهض بمقدراته ويحفظ كرامته وكرامة ابنائه. ودمتم بخير وحفظ الله الاردن ودام جلالة الملك سيدا وقائدا.
* عميد كلية الصيدلة/جامعة اليرموك
عميد أكاديمي سابق/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية
رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس سابقا