الاهتمام الإيجابي من رئيس الوزراء بقضية الطالب الاردني شادي البدور احد مبعوثي جامعة الطفيلة الى احدى الجامعات الاميركية لاكمال الدكتوراة وحرص الحكومة على متابعة حالته الصحية وتكاليف العلاج، والتي اثارتها الزميلة عمون قبل ايام، يجعلنا نعيد الاشارة الى قضية سبق ان تحدثت بها بناءً على ملاحظات من الطلبة الاردنيين المبعوثين الى جامعات اميركا واوروبا واستراليا، والامر خاص بما تقدمه الجامعات الاردنية لمبعوثيها من رواتب وتأمين صحي وغيرها من الامتيازات. واذكر انه قبل شهور اتخذت بعض الجامعات قرارات بزيادة المخصصات الشهرية للطلبة المبعوثين وكانت استجابة ايجابية.
لكن القضية تبدو احيانا بحاجة الى مراجعة شاملة لان الطالب المبعوث في العديد من الدول يذهب احيانا ومعه اسرته، وتكاليف الحياة هناك مرتفعة وتكاليف العلاج ايضا له ولعائلته مرتفعة، وهنالك تغيرات دائمة في التضخم ومعدلات الاسعار في معظم دول العالم، ولهذا ربما يكون من الانصاف ان يعاد النظر بنظام الابتعاث الذي يحمل ايضا تفاصيل عديدة، ومن العدل ان يكون هناك نظام موحد من حيث التفاصيل لكل الجامعات الاردنية، بحيث يتقاضى المبعوث من الجامعة الاردنية الامتيازات ذاتها التي يحصل عليه مبعوثو مؤتة والطفيلة واليرموك والتكنولوجيا الذين يذهبون للدراسة ذاتها والدول ذاتها.
وعلينا ان ندرك أن الطالب الأردني في الخارج يجب أن توفر له حالة استقرار معيشي حتى يتمكن من الاهتمام والتفرغ لدراسته وتحصيله العلمي وابحاثه، لكن عندما يبقى مشغولا بكيف يدبر مصروفه بعد منتصف الشهر وكيف يؤمّن لأطفاله حياة معقولة فهذا امر يؤثر سلبا على الهدف الذي ذهب من اجله.
ولعل من المناسب أن يكون التركيز من الجامعات ومجلس التعليم العالي على الحاجات الاساسية التي تحتاجها جامعاتنا للابتعاث، فهذا يشبه العلاقة بين مخرجات التعليم وسوق العمل في مرحلة البكالوريوس. فالجامعات الاردنية لديها نقص في بعض كوادر التدريس لتخصصات تعلمها، وهنالك استقدام لمدرسين غير اردنيين لهذا من الضروري ان يتم تركيز الابتعاث على الحاجات الاساسية للجامعات فهذا استثمار في الشباب الاردني مهما كان مكلفا فانه لا يضيع بل ينسجم مع عمليات التطوير للموارد البشرية الاردنية.
وفي ظل محدودية البحث العلمي وحالة التشجيع ووجود صندوق خاص بدأ حديثا لدعم البحث العلمي فإن استثمار وجود الطلبة الاردنيين في الخارج من المبعوثين وتوجيههم الى المواضيع البحثية التطبيقية التي تساهم في رفع سوية المجالات العملية قد يكون جزءا من استثمار الابتعاث الخارجي لتشكيل ارضية لبحث علمي نافع وحقيقي, لان وجود الشباب الاردني في جامعات العالم المتطورة ليس مشروعا شخصيا للشاب ليصبح دكتورا في تخصصه ويعود للتدريس بل لتطوير حالة العلم والبحث العلمي في الاردن واعادة بناء عقلية بحثية في طلبتنا، فالامر ليس ترقية ادارية بل هو مسار وطني جوهري, واذا كان هذا المسار هو الهدف فان الانفاق عليه بسخاء استثمار ناجح وضروري.
مناقلات الرؤساء
وفي سياق التعليم العالي وقضاياه فإن الانصياع للوقائع وتثبيتها ليس دائما حلا مقنعا ومعقولا، لهذا فان عدم مراجعة قرارات نقل رؤساء الجامعات التي اثارت جدلا وعبرت عن منهجية غير مفهومة لم يكن قرارا ايجابيا من الحكومة والاستقالة التي قرأنا خبرها امس لرئيس جامعة الطفيلة د. ابو قديس تشير الى ان المشكلة كان يجب ان يتم حلها بإصلاح ما اثار الاستهجان وليس بتثبيت وقائع حتى لو لم تكن مقبولة، وكان على الرئيس والوزير الجديد مراجعة القرار او ايجاد مسار يزيل الآثار السلبية للقرار وليس اعتباره قدرا لا يجوز مراجعته او التراجع عنه.
وما نشرته وسائل الإعلام على لسان الوزير الجديد من ان مجلس التعليم العالي لم يقل اي كلمة عند اقرار المناقلات من الوزير السابق يفتح الباب امام مراجعة تركيبة المجلس ومدى سلطة الوزير كموقع على مجلس يفترض انه المرجعية الاهم في ادارة أمور التعليم العالي.
sameeh.almaitah@alghad.jo
الغد