وزير المالية يبحث عن خارطة طريق
سلامه الدرعاوي
12-03-2009 04:37 AM
وزير المالية باسم السالم في وضع لا يحسد عليه, يقضي معظم وقته منذ التعديل في التشاور مع طاقم الوزارة وعدد من المستشارين لمعرفة حيثيات الوضع المالي للخزينة التي بدأت ملامح العجز فيها تنمو عن مستواها المستهدف بسبب تراجع بعض الايرادات الضريبية.
الوزير السالم يبحث عن خارطة طريق اقتصادية للسير بها في عام 2009 لمواجهة تداعيات الازمة المالية العالمية التي القت بظلالها على عدد من القطاعات مما سيؤثر سلبا على مساهمتها الاقتصادية, مما خلق تحديا كبيرا امام وزير المالية الجديد للحد من تداعيات الازمة على الاقتصاد والوصول الى نمو اقتصادي يصل الى 5 بالمئة على اقل تقدير لتعزيز الاستقرار المنشود.
التقديرات الاولية تشير بوضوح الى احتمالية تراجع النمو الاقتصادي في سنة 2009 الى حدود 3.5 بالمئة, مستندة الى هبوط الايرادات الضريبية متأثرة بحالة الركود التي تعيشها بعض القطاعات الرئيسية المولدة للضريبة, وقد اشارت الاحصاءات النهائية للشهرين الاولين من هذا العام الى هبوط ايرادات ضريبة المبيعات ورسوم الاراضي بنسبة 10 و35 بالمئة على التوالي, وقد تمتد موجة التراجع تلك الى اشهر عديدة من العام مما سيخلق وضعا ماليا صعبا على الخزينة التي تعاني من عجز مزمن مقدر بحوالي 689 مليون دينار قد يتخطى حاجز المليار دينار مع نهاية العام لهذا فان الوزير الجديد امام معضلة مالية صعبة هي كيفية الحد من تراجع الايرادات وضبط العجز.
الافكار كثيرة تطرح على الوزير, الا انه ومن خلال احاديثه يتطلع الى تحريك الاقتصاد وتحفيز الطلب لتعويض نقص الخزينة من الايرادات, وهنا تكمن المشكلة في اختيار الوسيلة الانجع لمعالجة تلك الازمة.
البعض يرى ضرورة الاقتراض وضخ سيولة في السوق المحلية لتحريك العجلة الاقتصادية وهذا الامر من الناحية النظرية منطقي الا ان محاذيره كثيرة, فمن ناحية سيزيد من معدلات الدين, خاصة الداخلي, وسيزاحم القطاع الخاص على السيولة المحدودة لدى البنوك, اضافة الى جدوى المشاريع التي سيتم ضخ الاموال فيها, ناهيك عن خطورة تفاقم عجز الموازنة ووصوله الى مستويات غير "آمنة".
هناك من يقترح بإجراء حزمة من التخفيضات الضريبية ولو كانت مؤقتة لتحفيز قطاعات بحاجة الى تعامل استثنائي لتنشيطها مثل السياحة والزراعة, والدخول في هذا الامر يتطلب الاخذ بجملة من القرارات الحاسمة فيما يتعلق بمشروع قانون الضريبة الموحد الذي ما زال الوضع بشأنه غامضا.
الا ان المعضلة الرئيسية تكمن في مدى خطورة اية تخفيضات مستقبلية على الايرادات العامة للخزينة في الوقت الذي تعاني فيه اصلا من تراجع ملحوظ في مستوياتها.
البعض يرى ان على الوزير ان يتحرك قطاعيا, بمعنى ان يواجه تحديات كل قطاع على حدة, وفي هذا الشأن خطورة كبيرة اذا ما شرعت الحكومة فيه بسبب ان هناك قطاعات تعاني من ازمات اقتصادية قبل الازمة المالية , وبالتالي قد توجه الحكومة الدعم ان صح لنا تسميته كذلك الى الجهة التي لا تستحق.
آخرون يفكرون بأن التحرك الرسمي يتوجب ان يكون لمعالجة ازمة الثقة وحالة عدم اليقين التي تسود السوق, وهنا يدعو البعض الحكومة على سبيل المثال لدعم الاقتراض لشريحة معينة من الموظفين او العاملين من خلال انشاء صندوق توجه موارده لهذا الشأن, على سبيل المثال لا الحصر باستطاعة الحكومة ان تدعم الموظفين والمتقاعدين بالحصول على قروض ميسرة في مشروع سكن كريم وبأسعار فائدة قليلة نسبيا بضمانها ولها تجربة سابقة في ذلك لموظفي الدولة باستخدام ما مقداره 50 مليون دينار من عوائد التخاصية.
والبعض يرى ان تعمم التجربة لتشمل دعم الصادرات الوطنية في قطاعات حقق مستثمروها قصص نجاح وتمتلك مقومات النهوض.
لا شك ان الافكار كثيرة امام الوزير السالم والتحديات كبيرة, لكن من يقرر اين يجب ان نسير هو إعداد دراسة علمية واقعية تشخص الخلل في الاقتصاد والمعضلات التي تواجهه والابتعاد عن تقمص الحالة الامريكية, ومن ثم التحرك بعد معرفة نقاط القوة والضعف.0
salamah.darawi@gmail.com