يشتهر المصريون ، بأنهم لاي يطعنون بلدهم ، في ظهره ، وهم خارج مصر ، لكنهم داخل مصر يقولون كل شيء ، وينتقدون كل شيء ، وهي قمة الوطنية ، ان تقول في بلدك ما تريد داخل بلدك ، ولا تجعله شأنا من شؤون الاخرين خارج حدوده.
مناسبة هذا الكلام ، ما نقرأه ونسمعه على لسان السيد ارحيل الغرايبة الرجل الثاني في الحركة الاسلامية ، حين يجلس الى الامريكيين ، الذين كانوا رجسا من عمل الشيطان ، حتى وقت قريب ، ليحدثهم عن تصوراته ، هو ونفر ممن نعرفهم جيدا ، ليطالبوا بملكية دستورية ، التي سبقها توقيع مذكرة في هذا الاطار ، تم توقيعها في عمان ، رفض كثيرون التوقيع عليها ، لانهم يعرفون ان القصة ليست قصة رمانة ، بل قصة قلوب مليانة ، وان هذه المطالبات لا تجد خمسين شخصا ، في الاردن يقبلها ، وفي غالبيتهم اما غاضبون على وظائف لم يحصلوا عليها ، او لمواقع لم يصلوا اليها ، وفي مثل هذه المطالبة اعادة انتاج للدستور ، والتفاف عليه ، وتقويض لكثير من الاسس ، وهي الاسس التي نعم بها الاسلاميون وتنعموا بها ، في وقت سابق ، حين كان مراقبو جماعة الاخوان المسلمين ، يدخلون القصر الملكي ، ويتم فرش السجاد الاحمر لهم.
لو خرج الغرايبة ، وقال ما يريد ان يقوله الف مرة في عمان ، لكان افضل من الذهاب الى الامريكيين ، والجلوس اليهم ، والغرايبة ذاته يعرف ان جميع مؤسسات المجتمع المدني في الولايات المتحدة ، وجميع المؤسسات الاهلية وورش العمل ، تجمع معلومات عن المنطقة وتحللها ، وهي تسعى اصلا الى حل القضية الفلسطينية على حساب الشعبين الاردني والفلسطيني ، وتسعى الى تقويض الاردن ، في حلقات تقويض المنطقة ، فكيف يسمح الغرايبة لنفسه ان يناقش شأنا داخليا ، في الولايات المتحدة ، وما هو رأي فقهاء الشريعة في الحركة الاسلامية ، فيمن يذهب الى واشنطن لمناقشة وضع داخلي ، ولماذا كانت تقوم قيامة الحركة كلما حدث اتصال اردني امريكي رسمي ، او عربي امريكي رسمي ، ولاتقوم قيامتهم ، حين يذهب قيادي نحترمه ونجله ، ليناقش شأنا اردنيا داخليا ، غير قابل للنقاش اساسا ، حتى في عمان ، مع مجموعة من الامريكيين.
بالنسبة لي شخصيا ، لا احرض الدولة على الغرايبة ، لكنني انتظر تصرفا مسؤولا من جانب الحركة الاسلامية ، تجاه الرجل الثاني ، حتى نعرف هل كان ينطق بأسمها ، وهل كان يمثلها ، في هذا المشهد ، واذا كانت شخصيات اسلامية تجيب بالنفي بطبيعة الحال ، فهو نفي يتذاكى على وعينا ، فاي صفة اخرى لارحيل الغرايبة غير عضويته في الحركة الاسلامية ، واي صفة له غير كونه الرجل الثاني ، وهل لو كان احدا اخر ، بغير هذه الصفات ، سيجلس مع الامريكيين ، ليناقشهم في هكذا شأن ، وهي عقدة تأخذنا الى الاعيب الاستقواء بالخارج على الداخل ، وكأن هناك من يقر داخل الحركة الاسلامية بفتوى جديدة ، تسمح اللجوء الى "العدو" في تواقيت محددة ، وظروف محددة ، وهل يقبل الاسلاميون ان يلجأ خصومهم الى واشنطن للتحريض عليهم.
لا يستحق الاخ العزيز ارحيل الغرايبة ، ان تتم الاساءة له ، او اطلاق حملات في وجهه ، سياسيا او اعلاميا ، فدعوته والنفر القليل الذي يسير معه ، لمغازلة الادارة الديموقراطية ، وارثة الادارات الامريكية التي قتلت العراقيين واللبنانيين والافغان والفلسطينيين ، وغيرهم الكثير الكثير ، دعوة لا قيمة لها ، ولا يجب ان تستفز احدا ، لان صاحبها ، ليس صاحب قرار ولا شعبية ، في هذه الدنيا ، ولا في هذا البلد ، وما يستفز حقا هو اللجوء الى الغريب لمناقشة شأن خاص ، فقط ، في رسالة تحمل تهديدات ، وتلويحات ، وتكشف ان لا محرمات وان كل شيء مباح في هذه الحياة ، حتى الجلوس مع امريكيين ، يكيدون اساسا لمثل الشيخ الجليل ارحيل الغرايبة ، ورفاقه في الحركة الاسلامية بتهمة الارهاب ، وهي التهمة الوضيعة بطبيعة الحال.
كنا نظن واشنطن "رجسا من عمل الشيطان" فاذا بها كعبة العاشقين والكارهين ، على حد سواء.. فليستغفر الشيخ عن فعلته.
m.tair@addustour.com.jo