نشامى الاردن وفرسان الهاشمية الكرامة قبل الزاد
سارة طالب السهيل
29-01-2018 03:57 AM
دفع الأردن ثمنا غاليا في انتصاره لقوميته العربية ولاحتوائه الازمات السياسية والامنية التي تعج بها المنطقة العربية منذ اندلاع ثورات الربيع العربي، وهو ما ألقى بظلاله على الاوضاع الاقتصادية في البلاد في ظل الازمة المالية العالمية والازمات العربية المتواصلة.
هذه الفاتورة الباهظة رفعت أسعار السلع والخدمات بالأردن خلال السنوات القليلة الماضية غيران الشعب الاردني صمد وتحمل حفاظا على وطنه من الانهيار، وخوفا من أن يتحول بفعل أصحاب الأجندات الخارجية الخائنة الى ليبيا اخرى اوسوريا او يمن أخر يعاني ويلات الانقسام الداخلي والتفتيت لصالح أعداء الوطن.
ويتوقع مع الموازنة المالية الجديدة للعام الجاري 2018 ان تزداد هذه الفاتورة لمواجهة العجز المالي الحاد في البلاد مثلها مثل البلدان العربية الأخرى الغنية منها والفقيرة التي تعاني عجزا في موازنتها العامة وتتراكم الديون الخارجية.
وهذا التحدي الاقتصادي الذي يواجهه الاردن من إلغاء الإعفاءات الضريبية وزيادة ضريبة المبيعات على عدد من السلع الغذائية المصنعة مما يقود الي ارتفاع معدل التضخم ومن ثم تراجع مستوي المعيشة وفقا لتأكيدات الخبراء الاقتصاديين بالبلاد.
وفي السياق نفسه فان المساعدات الخارجية للاجئين السوريين لم تسهم في خفض العجز المالي بالأردن قبل توقفها من عدة سنوات ، ولكن مما يعزو على الصبر ان هذه الازمة المالية هي نفسها التي تمر بها مصر وصمد الشعب المصري رغم زيادة عدد الفقراء بين صفوفه وتحمل تبعات الاصلاح الاقتصادي لكي يعبر بسلام الى بر الامان ان شاء الله فالوطنية ليست أبيات شعرية و خطابات عاطفية إنما الوطنية أفعال رجال و صمود النساء و مجابهة الأزمات بكل شجاعة للعبور لبر الامان لم يكن الجهاد و القتال مقتصرا على الجبهات و الحروب للدفاع عن الوطن و إنما القتال من أجل الوطن بالتعاون و التكافل و الصمود و بايدي الأبناء المخلصين و خاصة من أصحاب رؤوس الأموال لجلب المشاريع الاستثمارية و ضخ الأموال في الوطن و عدم تجميد الأموال في البنوك أو إرسالها للخارج بل استخدامها في تطوير البلد و المساهمة في حل الأزمات
فالتحديات التي يواجهها الأردن قد يرتبط بقدره ان يكون ملاذا آمنا لدول الجوار العربية، وهو ما يكلفه بالضرورة اقتصاديا وأمنيا، و البنية التحتية و الخدمات في مقابل ما يواجهه أيضا الاردن من تقصير من الدول العظمى و الصغرى في دعمهم الاردن حتى يستطيع استيعاب اللاجئين ، سواء من جانب المحيط العربي او الدولي معا.
وفي ظني ان شعب الاردن الشامخ الذي احتوى الفلسطينيين ودمجهم في بوتقته حتى صار جزءا من نسيجه، شعبا واحدا و قلبا واحدا . كما احتوى الشعب السوري و استضاف في أوقات متفرقة الليبين و العراقيين سيكون اكثر قدرة ردع أية محاولات خبيثة لنشر الفوضى او احداث خلل أمني او اجتماعي، وسيحافظ الشعب الاردني على استقرار وطنه وسيحول دون الوقوع في فخ الدواعش ومن ينهج طريقهم الخبيث.
فالشعب الهاشمي سيحافظ على الاردن ليظل واحة الامان والاستقرار في المنطقة، وسيفشل كل مؤامرات الوقيعة والدسائس التي يدسها اعداء الوطن بين ابناء الشعب الملتحم من أصول اردنيه و فلسطينيين والعائلات التي هي من أصول سورية سكنوا الاردن من مئات السنين فكل من سكن ارض الاردن شعر بالانتماء و والتآلف و الارتباط بهذه الأرض و هذا الشعب الطيب الذي يؤثر الآخرين بكرمه و طيبته و لم يعطي وطن عربي في المنطقه كما أعطى الاردن لشعبه و ان كانوا من أصول مختلفه بحضارية و ديمقراطية حقوق متساوية حتى كان بعض الوزراء و رؤساء الوزارة و النواب من أصول فلسطينيه و سورية والاختيار دون تميز او عنصرية و بانصاف كما اختيرت إحدى السنوات عين امرأة و من أصول لبنانية فمن مثل الاردن مرحاب و مصياف و عادل بلد لم نشتم به رائحة دم او عنف او غدر بسياساته المعتدلة و السلمية .
وفي تقديري أن الشعب الاردني سينظر بعين الخبرة والاستفادة من الدروس العربية الجارية حاليا وخبرة دولة مثل مصر التي ارتفعت فيها الاسعار بشكل غير مسبوق وتحمل مواطنيها حفاظا علي استقرارهم وأمن وطنهم.
واللافت للنظر الى ان الاوضاع الاقتصادية الطاحنة في مصر او العراق او لبنان قد تدفع بعض الأنفار الى السرقة بسبب البطالة، غير انهم أناس وطنين ربما اذا زالت عنهم ظروفهم القاسية لكفوا فورا عن السرقة.
دور أزمة اللاجئين
لاشك أن القيادة الاردنية تضع نصب أعينها المحافظة على الاستقرار الاقتصادي وتوفير احتياجات المواطنين وهو ما يسهم في تحقيق الاستقرار الأمني ايضا، غير ان التحديات التي فرضت على البلاد جعلتها غير قادرة علة الوفاء بتحقيق الاستقرار الاقتصادي للمواطنين، خاصة تحدي مشكلة اللاجئين؛ سواء سوريين الذين يتجاوز عددهم ملیون وربع ملیون، أو عراقيين، وهو ما شكل نقاط ضغط قوية على الأردن اقتصاديا واجتماعيا ايضا خاصة في سوق العمل ومنافسة الوافد اللاجئ لشعب الاردن على استخدام الخدمات العامة.
وواقعيا، فان السوريين قد شاركوا أبناء الاردن على مرتكزات تفاصيل حياتهم اليومية من مأكل وملبس وصحة وتعليم وفرص عمل، وادت زيادة أعداد المهارجين السوريين للاردن الي ارتفاع ملحوظ في عدد السكان مما شكل ضغطا كبيرا علي الاوضاع الاقتصادية تسبب بدوره في ضعف قدرات الناتج المحلي نتيجة زيادة الاستهلاك من ناحية ونتيجة تمتع السوري اللاجئ بفرص عمل أميز من المواطن الاردني نظرا لقبوله أجرا أقل.
وقد انسحب ذلك التنافس للاجئ السوري على كل مجريات الحياة اليومية بالأردن مما جعل الأردنيين يشعرون بضيق الحال في معيشتهم اليومية، تعاني المدارس من اكتظاظ كبیر أثر بصورة كبیرة على تعليم الأردنیین، إضافة إلى الجانب الصحي والضغط على المراكز الصحبة.
وانعكس ذلك ايضا علي فرص السكن، حيث ارتفعت أسعار الشقق السكنية بنسبة 200% ، كل هذه الظروف والتحديات خلقت اوضاعا اجتماعية أدت الي ارتفاع نسبة الجريمة والأمراض والمخدرات.
ناهيك عن أزمة زيادة استهلاك اللاجئين للمياه في الاردن الذي يعاني بالأساس من الفقر المائي، بينما يقف تحدي آخر يتمثل في التحدي الأمني الناتج عن محاولات المغرضين واعداء الوطن من استثمار الظروف القاسية لبعض اللاجئين وتوظيف بعض افرادهم في خلخلة الامن بالبلاد وهو ما يدعو شعب الأردن الاصيل ان يكون في منتهى اليقظة لاية محاولة مسمومة لجر البلاد الي الفوضى تحت ستار الازمة الاقتصادية.
كما أننا نعلم جميعا ان الأزمات في بعض البلدان العربية المجاورة كان لها بعض المؤيدين و المناصرين و الداعمين لللفوضى فأين هم من تحمل مسؤولية من ساهموا في تهجيرهم و خراب ديارهم لماذا يتركون الاردن يتحمل كل شيء دون ذنب لوحده بينما من ساهم في الخراب يتلاشون كفص ملح ذاب
جوار عربي
فمن متابعتي للأوضاع الاقتصادية بالأردن وغيرها من بلادنا العربية، وجدت ان معظم الدول العربية حتي الغنية منها تواجه ازمة مالية طاحنة اضطرتها الي اجراء اصلاحات اقتصادية لمواجهة عجز موازنتها والقدرة علي سداد ديونها الخارجية مثل مصر وغيرها، وحتي السعودية نفسها أكبر منتج للنفط تواجه ازمات اقتصادية اضطرتها لتقليص العمالة الوافدة وتسفيرها وضغط النفقات وفرض ضرائب ورسوم علي الخدمات لمواطنيها وللمقيمين فيها علي سواء في سابقة لم تحدث من قبل.
وكل الاجراءات الاصلاحية والهيكلية التي تجريها معظم الدول العربية في اقتصادها الوطني يعتمد على جلب موارد اساسية مثل فرض الضرائب وتقليص الدعم الموجه للإنتاج الزراعي والصناعي وغيره، مع رفع تكلفة اسعار الخدمات في مقابل توفير حماية اجتماعية لمحدودي الدخل.
من هنا تبدو حكومة الاردن كغيرها من الدول العربية مضطرة لهذه الاجراءات الاقتصادية الصعبة، خاصة في ظل ارتفاع حجم الدين الحكومي بنهاية الشهر الماضي (اكتوبر / تشرين الثاني) إلى ( 27.1مليار دينار)، مما يؤثر سلبا علي الاقتصادي الاردني وعلي المواطنين تحمل هذه الفترة الصعبة حفاظا علي استقرار البلاد وحمايتها من المتربصين بها.
وعلينا بالأردن ان ننتظر بعض الانفراج بعد فتح الحدود مع العراق وتوقعات المحللين الاقتصاديين بأن يؤدي ذلك الي تحريك العجلة الاقتصادية في العراق وإعادة إعمار الموصل بما ينعكس ايجابيا علي الاردن ويخفف من الاختناق الاقتصادي الذي يعاني منه الأردن بسبب إغلاق المعابر.