عمون - لقمان إسكندر - رُوي عن الإمام أبي حنيفة، أنه كان في حلقة علم مع تلامذته، وكان الإمام يمد قدميه أثناء الدروس لطول جلوسه، وتعبه فيها.
ورُوي أيضا عن رئيس الوزراء هاني الملقي إنه كان في إحدى حلقاته الرسمية، في صحن مجلس النواب. كان وقورا كالعادة ويمد قدمه تحت الطاولة، لطول مكوثه هناك.
وبينما أبو حنيفة على هيئته يعلم تلاميذه، كان الملقي كذلك مضطرا للجلوس تحت قبة ما، بحكم قانون ما، للاستماع لخطبة ما.
في الاثر، أن رجلا صاحب لحية كثة وملابس بيضاء نظيفة، ذو مظهر وقور، دخل على حلقة العلم لابي حنفية. سلّم وجلس. وفي الإثر أيضا عدّل الملقي من جلسته، يوم توعّده نوّاب، حين قالوا: موعدنا الأحد عند بئر العبدلي يا ابا فوزي.
وكما اعتدل أبو حنيفة في جلسته وضم قدميه احتراماً للرجل الذي جلس بين التلاميذ يستمع، وواصل تقديم الدرس؛ كذلك عدّل الملقي من بدلته الفاخرة، وواصل قلقه من الورطة التي ستنفجر في وجهه يوم الأحد مع النواب.
لم يطل الأمر عند ابي حنيفة حتى استأذن الرجل الوقور، وسأل الإمام سؤالاً قائلا: متى يفطر الصائم؟
النواب أيضا حضروا يوم الأحد، كأن الدخان يتصاعد من فوق رؤوسهم، حتى إذا دخل القوم الى قبتهم وغُلّقت الأبواب، قالوا للملقي هيت لك.
لوهلة، خشي أبو حنيفة أن يكون في سؤال الرجل عن افطار الصائم خدعة علمية ما، ولوهلة ظن الملقي في 'الهيت' تلك حيلة نيابية ما.
أبو حنيفة أجاب بحذر: يفطر الصائم حين تغرب الشمس، فقال الرجل: وإذا لم تغرب الشمس؟
أما الملقي فصرخ ببعض كلمات ثم ضرب المايك، من دون اكتراث.
وكما انتبه ابو حنيفة الى الخبر. انتبه معه الملقي.
لقد افسدت هيئة الرجل فراسة العالم فعاد إلى مد قدمه مرة أخرى وهو يقول: 'آن لأبي حنيفة أن يمد قدميه'.
اما الملقي فلم يقل شيئا. هو فقط انفجر بقهقهة أرجع معها رأسه الى الوراء هو وأصحابه، حتى كاد أن يسمع صداها المتتابع أهل الزرقاء.