كرم الضيافة في بلادي
د. ايمان الشمايلة الصرايرة
28-01-2018 04:41 PM
لا زلت أسمع في أذني خطوات أجدادي الذين علمونا ما معنى الكرم وربونا عليه وزرعوا فينا أن البيت وضع للضيف قبل أهل البيت، فبوجوده يثبت عزنا وتراثنا وصيتنا، لعلها كلمات أثارت شجوني عندما سمعتها من جدتي أم مبارك رحمة الله عليها وهي تعلمني أصول الضيافة، إذ همست بأذني قائلة (الضيف لن جاك ترى ضيف، ولن جلس ترى أمير، ولن روح ترى شاعر) كلمات عشتها ببيت والدي ووالدتي وتنفستها من عبق الكرك أرض الرجولة والكرم والشهامة، وتغنيت بها في الأردن وفي بيوت أهله الكرماء.
لا بد لهذا الجيل أن يعي معنى الكرم ومعنى الضيافة، ومعنى دخول الضيف إلى بيتك، لن ينقص منه شي، بل يشعر أهله بوجودهم ويُعلم الأبناء على المكارم، لنستذكر الشخصية التاريخية حاتم الطائي وقد كان مولده وزمانه قبل مجيء الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن ما زلنا حتى الأن نتادول حياته وسيرته وكرمه، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما أسرت ابنت حاتم الطائي قال: أكرموها فإن أباها كريم، فلأجل كرمها وكرم أهلها فك أسرها، فالكرم يأتي بالفطرة ويزداد وقاراً بالتربية، مُشرعة هي بيوت الأردنيين، تشم منها عبق رائحة القهوة عند دخولك أول خطوة إلى بيوتهم، وتشم راحة الطعام الذي يعد لك من أول ساعة جلست فيها، المال زائل والطعام زائل ويبقى صيتك الذي يتغنى به الناس في مجالسهم ولو سمعنا لشاعر عندما قال:
حي الرجال اللي لهم فعل الطيب
أهل الكرم والطيب والشهامه
الي تخاف الله وتدري عن العيب
وتدري من الزله وتدري الملامه
مثل الصقور معكفات المخاليق
دايم تعلآ فوق روس العدامه
لاجوهم الضيفان يلقون ترحيب
ولضيوفهم يقدمون الكرامه
نعم الرجال اللي تعرف المواجيب
يلقآ المعزه ضيفهم واحترامه
لأجأهم المحتاج خالي من الجيب
يدعي لهم من طيبهم بسّلامه
من قربهم تبرأ الجروح المعاطيب
وفي شورهم مأتغتشيك الندامه
فالنعلم أبنائنا وأحفادنا أصول الضيافة والكرم وكيفية استقبال وكرم الضيف وأصول تقديم فنجان القهوة باليمين، ولنعلمهم أن الحياة جبلت على حب العطاء فهذه من أفضل الشهادات التي تشهر صيتك بعد موتك، ولنتذكر الخليل إبراهيم عليه السلام وتفضيل الله له بصفة الخليل لشدة كرمه وقيل أنه لم يأكل طعاما لوحده قط، حتى باتت مدينة الخليل بدعواته المدينة التي لا يجوع فيها أحد بإذن الله.