اساتذة الجامعات يطالبون بزيادة رواتبهم
حسين الرواشدة
11-03-2009 04:27 AM
في زحمة المطالبات "بزيادة الرواتب" ، هذه التي امتدت من الموظفين الصغار الى الوزراء والنواب ، لم نسمع صوت اساتذتنا في الجامعات الاردنية ، وهؤلاء ليسوا زاهدين في تحسين احوالهم ولا يشعرون ايضا انهم يتقاضون ما يناسبهم من رواتب ، ولكنهم آثروا الصمت والانتظار ، وقبلوا بنصيبهم ..وبعضهم اختار ان يبحث عن فرصة عمل افضل في الخارج ، صديقنا الدكتور محمد الشريفين ، استاذ مشارك في جامعة آل البيت يرى ان ثمة مخاوف كبيرة من تواضع رواتب الاساتذة ، ابرزها انهم قد يضطرون - وبعضهم اضطر فعلا - للهجرة الى الخارج بحثا عن عمل برواتب افضل ، واستأذن القارئ الكريم هنا بتحرير وجهة نظره ومطالبته الخجولة بضرورة تحسين احوال هذه الفئة العزيزة في مجتمنا اسوة بغيرها من الموظفين.
يقول د. الشريفين "جرى الحديث في الآونة الأخيرة عن قضية زيادات أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات الأردنية ، وقد كان التعاطي مع هذه القضية سلبيا ، وتعد هذه القضية من القضايا الشائكة بالنسبة لأصحاب القرار ، وأرى أن التعامل الأمثل في هذه القضية لا يحتاج إلى كبير عناء ، لكن المشكلة في قضايا التعليم العالي تتمثل بأنها تدرس على مراحل ، وكل مرحلة مستقلة تماما عن الأخرى بحيث ينتهي الأمر - وبسبب عدم ربط المراحل - الى حل عشوائي مبني على آخر مرحلة ، وقد سببت هذه الطريقة في المعالجة حالة عدم استقرار في الجامعات الأردنية.
حتى يتبين المراد سأمثل بمثال ، عندما تطرح قضية الزيادات يطرح المبرر الأهم وهو: تسرب الكفاءات إلى الخارج وبالذات إلى دول الخليج حيث يتقاضى الأستاذ الدكتور في الكويت مثلا ثمانية آلاف دينار شهرياً وفي معظم دول الخليج يتقاضى ما معدله خمسة آلاف دينار أردني ، تطرح هذه القضية للدراسة ، ثم في المرحلة الثانية ولأنها غير مرتبطة بالمرحلة الأولى وهي مرحلة المبررات ، ترفع التوصية بزيادة العاملين في الجامعات ، وعندما تخرج الزيادات إن خرجت تكون نسب الزيادة متقاربة بشكل عام بين جميع العاملين في الحقل ، وأنا هنا لا انقص من قيمة أي وظيفة جامعية فجميع العاملين في الجامعات على قدر كبير من الأهمية.
إذاً عندما وضع مقترح الزيادة للمناقشة كان المبرر - كما يرى د. الشريفين - لتسرب فئة معينة من العاملين في الجامعات وهم أصحاب الرتب العلمية وهؤلاء فقط هم الذين يتسربون وعددهم قليل ، وفي المقابل لا تسرب في الإداريين ولا حتى في الأساتذة الذين من فئة أستاذ مساعد ، وكل هؤلاء إذا ما ذهبوا فتعويضهم سهل ، أضف إلى ذلك أن عدد الإداريين وبسبب التعيينات غير المدروسة في الجامعات على أساس "المرضوة" كبير فبدل أن يقابل كل عضو هيئة تدريس إداريين يقابله خمسة وستة وأحيانا سبعه ، بعبارة أخرى بطالة مقنعه ، وهم يتقاضون ضعف رواتب أمثالهم في الدوائر الحكومية العاديه وامتيازاتهم مرضية إلى حد كبير.
لو أخذنا على سبيل المثال كلية الدراسات الفقهية والقانونية في جامعة آل البيت مثلاً وسألنا السؤال التالي: كم هو عدد المدرسين؟ لكانت النتيجة خمسين مدرسا ، كم عدد من يحملون رتبة أستاذ دكتور في الميدان؟ عددهم اثنان فقط. كم عدد من يحملون رتبة أستاذ مشارك في الميدان؟ ثمانية ، والباقي وهم أربعون أستاذا تقريباً يحملون رتبة أستاذ مساعد ، بمعادلة أخرى 4% فقط يحملون رتبة أستاذ دكتور و16% يحملون رتبة أستاذ مشارك ، المجموع %20 يحملون رتبا علمية و %80 لا يحملون رتبا علمية أي أستاذ مساعد ومحاضر متفرغ ، من هم الذين يخشى تسربهم؟ بدرجه أولى 4% من الأساتذة ، وبدرجة ثانية %16 ممن يحملون رتبة أستاذ مشارك ، طبعا في كليات الجامعة الأخرى النسب مقاربة لهذه النسبة ، هذا دون حساب الاداريين ، بناء عليه فيجب أن يتوجه نصيب الأسد في الزيادات لمن هم المبرر الحقيقي لوجود الزيادات ، ويزاد الآخرون لكن ليس بنفس النسب ولذلك فوائد كثيرة منها:
أولاً: عدم تحميل خزينة الدولة مبالغ كبيرة جراء زيادات غير مدروسة.
ثانياً: تشجيع الأساتذة الذين لا يحملون رتبا على البحث العلمي ، فالفرق بين راتب الأستاذ المساعد وبين المشارك لا يكاد يذكر.
ثالثا: أننا نضمن وبشكل كبير الحد من ظاهرة التسرب إذ نستطيع أن نسدد ونقارب بين رواتب الأساتذة في الأردن ودول أخرى.
رابعا: أننا نضمن جودة اكبر في التعليم إذ تسرب الكفاءات له اثر كبير في تردي أوضاع التعليم.
خامساً: أننا نعين أصحاب الكفاءات على مزيد من البحث العلمي ، وهذا في غاية الأهمية حيث المتطلبات الاجتماعية لرجل في مرتبة أستاذ دكتور كبيرة جدا ، ومكافأة هذه الفئة ضرورة حضارية فهم أرقى شريحة من الناحية العلمية في المجتمع.
في الختام أرجو أن تستند سياسات التعليم العالي على أرضية ثابتة وكلنا أمل في معالي وزير التعليم العالي أن يقدر ذلك وهو أهل لذلك إن شاء الله تعالى.
انتهت رسالة د. الشريفين ، ونتمنى ان تكون قد وصلت ، وان نسمع قريبا عن قرار ينصف اساتذتنا في الجامعات ، هؤلاء الذين قدموا لنا عصارة جهدهم ، وعلموا وخرجّوا الوزير والصحفي والنائب.. وغيرهم ممن وصل الى اعلى المراتب والمناصب.