صعقت كما صعق الملايين من المشاهدين العرب ، لما اوردته عمون ومواقع الكترونية اخرى ، حول ما تفوهت به المغنية اللبنانية صباح ، حيث اعترفت بخيانتها لمعظم ازواجها وهم كثر ، وبعد ان تقول انها نادمة على تلك الزيجات ، فقط لانها كانت مصلحية ، تعود وتقول ، وهي العجوز التي تجاوزت الثمانين عاما ، انها تحب صغار الشباب ، وقد رأت احدهم قبل ايام ، وتمنت ان "يبوسها" .
ما ورد على لسان المغنية المذكورة ، ليس حديثا صحفيا تستطيع نفيه لاحقا ، او الادعاء انه تعرض للتشويه ، لقد كان برنامجا تلفزيونيا شاهده الملايين ، وموثق بالصوت والصورة ، الا اذا ادعت لاحقا ، ان من ظهرت بالبرنامج اياه ليست هي ، بل شبيهة لها .
انه من المخزي والمعيب حقا ، ان نسمع مثل هذه التفوهات ، من مغنية عجوز ، كان الاجدر بها بمثل هذا العمر ، ان تسلك مسلكا اخر ، ان تحمد ربها الذي اوصلها لمثل هذا العمر ، وان تكفر عن ذنوبها ، وتندم ندامة حقيقية على هذا الطيش الذي عاشته ، وان تطوي تلك الصفحات من حياتها ، وكان الافضل لها الابتعاد نهائيا عن الاضواء .
الفنان كما يعلم الجميع ، هو انسان صاحب رسالة ، ينقلها الى الاخرين عن طرق الفن ، سواء كان غناءا او تمثيلا او نحتا او رسما ، الى غير ذلك ، وهي رسالة ثقافية تنويرية ، تتجنب التلقين المباشر الممل ، فتصبح وسيلة النقل ذات اكبر تأثير في ايصال الرسالة ، لما توفره من مشاعر انسانية مرافقة ، كالفرح او الشجن او غير ذلك ، فتحول الافكار الانسانية من كلمات جامدة ، الى صور شاعرية تختزنها الذاكرة ، مؤطرة لرسالة هادفة ، الفنان هو بطبيعة الحال انسان ، له اخطاءه ، ولا يجوز افتراض المثالية فيه ، لكنه في الحد الادنى يجب ان يكون انسانا عاديا ، من حيث السلوكيات والمظهر ، خاصة عندما يتنطح لرسالة جادة ، وهنا اخص المطربين الذين يؤدون الاغاني الوطنية ، التي تحث الناس على حب الوطن والنضال في سبيله ، والتضحية من اجله بالمهج والارواح ، ونحمد الله ان المغنية صباح ، وعلى حد علمي ، لم تؤدي مثل هذه الاغاني التي تدعو للتضحية والاستشهاد في سبيل الوطن ، لكانت قد اعطت نتائج عكسية تماما ، بل اقتصر غناؤها في هذا المجال ، على التغني بجمال لبنان .
ما قالته هذه المغنية يؤكد صحة المقاييس المتبعة ، في تصنيف الناس للفن واهله ، فظواهر الامور لها دور كبير في تحديد شخصية الانسان ، وما علينا الا التمسك بالبديهيات التي تتوارثها الاجيال ، والتي تحدد أطرا اخلاقية لكل انسان مهما كانت مهنته ، وعلينا ان نحترم تقييم الناس في هذا المجال ، فقد اثبت صحته في الغالب ، فالمستمع العربي الذي يحترم المطربة فيروز ، التي ادت اجمل الكلمات ، وكانت اهلا للاغنية الوطنية ، وجعلت حتى الاغنية العاطفية اغنية وطنية ، هذا المستمع ، يمتلك الاحساس الحقيقي بالفن الصادق ، ويمتلك القدرة على تقييم الفن واهله ، فمنذ صغري، عندما سمعت بها لاول مرة في اواسط الستينات ، لم "اهضم" هذه المغنية لما سمعته عنها ، واحيانا كنت اسمع صوت عتابا وميجانا ، هذا النوع من الغناء الذي اعشقه ، فكنت اطرب له كثيرا ، لكن عندما اعلم انها هي من تؤدي تلك الاغنية ، يتبخر طربي لها ، لانني لا يمكن ابدا ان انسجم مع "رسالة" تؤديها مغنية ، عرفت باستهتارها بالقيم الانسانية النبيلة ، واولها رابطة الزواج ، هذا الرباط المقدس الذي لا يجب ان يشوه ، وها هي اليوم ، وبعد ان تجاوزت الثمانين عاما ، تؤكد ان الناس لم يظلموها في السابق .
كيف يمكنني ان اطرب لاغنية تقول كلماتها "يا ربي شتي عرسان ، تيلحقني طرطوشة " ، فما هو المقصود من كلمة طرطوشة بمثل هذه الحالة ، لقد كنت اتساءل عن معناها منذ اول مرة سمعتها بها ، ، فالطرطوشة ترافقت في اذهاننا مع الماء ، والتي تعني رذاذ الماء ، فهل تقصد جزءا من الماء ، اي جزءا من عريس ، ام تقصد العشرات او المئات ، باعتبار الطرطوشة تحوي هذا العدد من قطرات الماء ، وفي النهاية لا يسعنا الا ان نردد مع الشاعر :
انما الامم الاخلاق ما بقيت ... فان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا
m_nasrawin@yahoo.com