-1-
ذلك الشال، كان بلون الفصول الأربعة، لهذا، كنت حينما أراك تصيبني قشعريرة الزمهرير والحمى في آن واحد، وتهوي بي الحرارة، من حدود الاشتعال، إلى حدود التجمد، يومها أيقنت يا فاطمة، أنك لم تكوني كائنا إنسيا بالكامل، وأيقنت أنه لا يمكن أن أعيش معك حياة «طبيعية»، لهذا، قررت أن أكتفي برؤيتك من بعيد!
-2-
اسمعي، يا فاطمة، لا تتوقفي عن شرب قهوة الصباح، سأواظب أنا أيضا على شربها معك، حتى وأنا بعيد، حياتنا يجب أن تستمر، حتى وأنا أتهيأ لسفرة قد لا أعود منها، اعتني جيدا بالقط، واحرصي على سقاية نبتة الزعتر البري، أحب الشاي المعطر بها، وسرحي شعرك كل ليلة قبل أن تنامي، كما كنت تفعلين، ولا تنسيْ رشة العطر التي أحب، صحيح أنني قد لا أعود، لكن كوني على ثقة أنني سأكون سعيدا في عليائي إن ارتقيت، فيما أنت تتزينين كل ليلة، كما لو كنت موجودا معك..
-3-
أرأيت يا فاطمة، كيف فتشوا جيوبي بحثا عنك؟ صلبوني على الحاجز نصف نهار، وحينما يئسوا من العثور عليك، أطلقوني، وكنتِ حينها، تمدين لي قوس قزح، لأصلك، تسلقت عليه، إلا أن همتي خانتني في منتصف المسافة، فوقعت في منتصف الحلم!
-4-
أتعلمين يا فاطمة؟
الحب هو أكثر الأوهام واقعية، نصنعه، من أحلامنا، كما كان أسلافنا في الجاهلية يصنعون «آلهتهم» من التمر، ثم يعبدونها، حتى إذا جاعوا أكلوها!
حين تفشل المرأة في علاقة حب أو زواج، تصب غضبها على «جنس» الرجال ، وتكرههم كلهم.. وحين يفشل الرجل، يبدأ بالبحث عن امرأة أخرى!
-5-
ألم أقل لك يوما، أنني «مش عارف أكبر»!
هذه العبارة أرددها بدهشة، كلما ذكّرني أحدهم بمن كان صغيرا فكبر، كأنه لحق بي، وأنا مكاني لم أتقدم!
أنى يا فاطمة لهذا القلب الثلاثيني أن يقتنع أنه «يخدم» بمعية جسد ستيني؟
-6-
هل تذكرين يا فاطمة تلك الصورة؟... رغم «هشاشة» زهر اللوز ورقته، كان يقاوم ندف الثلج الذي جاءه متدثرا بالعاصفة، فأمسك بخناقه وبدا أنه يختنق به، ولكنه لم يستسلم له، وبقي بكامل عنفوانه، وبهائه، وعاد ليُعانق الشمس رافعا الرأس، بكل كبرياء، بعد أن تحول بياض الثلج إلى ذكرى، وبقي بياضه!!
-7-
كثيرون سألوا عن فاطمة هذه التي تبعث لها بالرسائل بين حين وآخر؟ هم لا يعلمون أنك كلهم، ولا أحد، في الوقت نفسه، وأن كل الرسائل التي أبعثها لك، لا تنتظر جوابا، ربما لأنها نفسها أجوبة لأسئلة لم تطرح بعد!.
الدستور