لم يعد بالإمكان الانتظار أكثر
مصطفى الرواشدة
27-01-2018 06:38 PM
هناك تقاعس وشبه شلل لبعض المؤسسات العامة التي كان المبرر لوجودها هو تعزيز الادارة العامة في الدولة لتلافي الأزمات، وان وقعت وهو الشيء الطبيعي في حياة الدول والمجتمعات وحتى الأفراد ان تكون حاضرة بوعيٍ ورشد لإدارة الأزمات وتجنب آثارها السلبية او التخفيف منها وتفادي آثارها الصادمة وهي معنية أكثر من اي وقت مضى بإيجاد حلول لبعض المشاكل والازمات التي نعيشها في ظل هذه الظروف الاستثنائية والصعبة الى حد كبير.
ومنها حالات الانتحار المتزايدة خلال السنوات الاخيرة حيث الإجابة واحدة وتتكرر ! إذ دوماً المنتحر يعاني من ظروف نفسيه أدت الى إقدامه على هذا العمل المرفوض دينياً واجتماعياً .
وحتى لو افترضنا ذلك اين هي تلك المؤسسات المعنية بالتوجيه والعلاج والإرشاد لمثل تلك الحالات ؟
اجزم ان الأسباب متعددة وعلى رأسها الاحباط وعدم وجود أمل في المستقبل القريب عند الكثير من شبابنا .
والبطالة تزداد عاما بعد اخر ووصلت الى نسب غير مسبوقة . ومعظم الحلول والدراسات والتوصيات والمشاريع التي تم توجيهها لحل معضلة البطالة بقيت عاجزه عن التقدم في هذا الملف المؤرق اجتماعياً ولم تحقق نتائج ملموسة ولم يتم ترجمة ذلك واقعا معاشاً ودخلا يجعل الحياة الكريمة أمرا متاحا ،لنصل الى نسب بطالة وصلت الى ارقام مرعبة جداً ولا اكاد ابالغ ان قلت ان نسبة البطالة تجاوزت ٣٥٪ .
وقد توجهنا الى تشجيع الاستثمار للحد من البطالة وشرعنا القوانين واستحدثنا بعض المؤسسات لهذه الغاية لكن للأسف فالاستثمار تراجع خلال السنوات الاخيرة ، وقد وصل عدد المصانع التي هجرت الاردن ما يقارب ١٨٠ مصنعا ومشغلا .
والخارطة الاستثمارية التي تم اعدادها ، وكان يعول عليها منذ عدة سنوات ان تكون مرجعية ودليل مرشد للتعامل مع الخطط التنموية ولكنها وبكل اسف بقيت حبراً على ورق في العديد من محافظات المملكة .
وكانت هناك في البدايات خارطة استثمارية لكل محافظة وجرى العمل على جعلها خارطة على مستوى الوطن وبقيت خارطة مدون عليها كم كبير من الافكار والمشاريع والدراسات لكنها بقيت خارطة محفوظة بعناية فائقة لدى هيئة الاستثمار او ربما وزارة الاستثمار لان من يرأسها معالي تم التنسيب به لنيل الإرادة الملكية السامية وزيرا ومديرا ، وحضر الوزير المدير وغاب الاستثمار كدائرة ووزارة .
وقانون الاستثمار الجديد لم يقدم ولم يؤخر شيئا والنافذة الاستثمارية الواحدة بقيت عاجزة عند جملة من الإجراءات والمعيقات والعقبات امام تشجيع الاستثمار بشكل جدي وحقيقي
ولا ابالغ ان قلت ان المعيقات قد زادت عما كانت عليه في السابق ونجد ان سياسة التطنيش والتطفيش هي التي تسود .
القطاع العام لم يعد قادراً على استيعاب ألكم الهائل من حملة الشهادات العلمية في مختلف التخصصات وبكافة الدرجات .
والقطاعات الاخرى وعلى رأسها القطاع الزراعي الذي بات يحتضر نتيجة الانخفاض الحاد في أسعار المنتوجات الزراعية وخاصة مناطق الاغوار مما يمهد لهجر اعداد كبيرة من مزارعي تلك المناطق لذلك القطاع مما يشكل أزمة اخرى ايضاً
اجد ان انعدام الرؤية في بعض الاحيان وعدم وجود توجهات حقيقية وفاعلة ومنتجة لمعالجة هذه القضايا سيجعلنا نعيش ظروفا اصعب مما نحن عليه في الوقت الحاضر
ولم يعد بالإمكان الانتظار اكثر مما انتظرنا ، ولابد لنا ان نبدأ مرحلة جديدة تشارك بها كل الأطراف المعنية على المستوى الشعبي والرسمي لمعالجة هذه القضايا والشروع بالتنفيذ التدريجي إيماناً بالبناء التراكمي للوصول الى الحالة التي نطمح لها جميعا وخصوصاً ان هذا الوطن يزخر بالكفاءات والمؤهلات والامكانيات التي تجعل منه منافساً حقيقياً