مضحك جدا ما قامت به الحكومة عند إقرار رفع الأسعار لسلعة الخبز حيث قامت بوضع أسعار هذه المادة الاساسية في عدة دول من بينها دول نفطية، جميلة ومضحكة هي تلك المقارنة ولكن السؤال هو هل يملك المواطن هامش إنفاق من الدخل المتاح للإنفاق اصلا لتحمل تبعات هذه الزيادات المضطردة للأسعار والاستمرار في سياسة الجباية الاقتصادية والتي امعنت وأوغلت وفتكت بالقدرة الانفاقية للمواطن! ثم هل تجوز المقارنة مع دول مثل مصر والتي لن أخوض في تصنيفاتها العالمية على كل مؤشرات النمو الإنساني!!!
مجموعة من الأسئلة الحيوية التي تُلِّح علي شخصيا وأجدها منتشرة في الفضاء العام الأردني وعلى ألسنة البسطاء والفقراء والملوعين والجوعى وان اختلفت صيغها اللفظية ومنطوقها: أولها وأكثرها الحاحا هو المدى الزمني للاستمرار بنفس الوسائل البالية لإنقاذ الاقتصاد الأردني وتحفيزه تحفيزا حقيقيا والتي ثبت ويثبت كل يوم فشلها، وهنا حتى أكون موضوعيا فلن اظلم حكومة الملقي فهي كما سابقاتها مارست كذبا وتضليلا واستنسخت تجارب من سبقوها في الدوار الرابع.
الحديث عن الرفع يستلزم الخوض في تداعياته الاقتصادية والتي من اهمها أضعاف الإنفاق والتسبب بالركود وهو ما سيؤدي بدوره للإضرار بقرارات اصحاب الاعمال في موضوع تأسيس استثمارات جديدة.
الحكومة تدعي التحول من دولة رعوية الى دولة انتاجية وهنا السؤال الاخر: هل قامت الحكومة بتقييم عمل مؤسساتها غير المنتجة وقارنت انفاقها مع إنتاجها وقيمتها المُضافة مثلاً؟! هل قامت الحكومة بإحصاء عدد الوزراء المتقاعدين والذين يتقاضون رواتب من خزينة الدولة؟ ثم السؤال الاخر كيف ومتى وما هي اليات الحكومة في زيادة الانتاج في الوقت الذي تعجز فيه عن تطوير الأفكار الريادية والبدائل الاستراتيجية للبناء على بعض الميزات التنافسية للأردن وأهمها مثلا القطاع الطبي والتعليم والموقع الجغرافي!؟ لماذا عجزت الحكومات حتى الان عن تطوير برامج حقيقية تطور وتفعل مساهمات القطاع الزراعي والصناعي في الاردن؟!
ان استمرار الاحتكار الحصري لسلطات البلد بشتى فروعها من قبل نفس المجموعات التي عاثت فسادا وإفسادا في المناخ السياسي والاقتصاد الوطني والعقد الاجتماعي واستمرار بعض الكتبة المأجورين باختراع الجمل المنمقة لتبرير النهج المستمر للحكومة في تجاهل تطلعات المواطنين وطموحاتهم والذين يتحمل جزء كبير منهم مسؤولية ما حدث من مشروع استنساخ لتجارب سابقة ثبت فشلها تماما سيؤدي حتما لنتائج عكسية. ستستمر حلقات هذا المسلسل وسيكون مصير البلد معلقا بأيدي دوائر مغلقة تماما تصنع قراراتها وفقا لمصلحة النخب التي تدافع عن مصالحها السياسية والاقتصادية ولن يكون هنالك اَي تغيير إيجابي فعلي تلمس نتائجه اَي من الطبقتين الوسطى والفقيرة وستستمر سياسة الاقتراض والاعتماد على المنح الخارجية التي لم تكن وزاراتنا قادرة حتى الْيَوْمَ على توظيفها لخلق اقتصاد مستدام عبر خلق مشاريع قابلة للاستمرار والتوسع.
تطور أي دولة يعتمد على تغيير السياسات الفاشلة وايضاً عدم تجريب اصحاب الرؤى الضيقة المحصورة في مصالحهم ومصالح حلفائهم. من أوصل اقتصادنا الى مديونية نسبتها ٩٥٪ من اجمالي الناتج المحلي هم نفسهم من يقودون ملفات الإصلاح الاقتصادي وان من وراء الكواليس ، وبالتالي فليفكر عميقا من يطالبنا بالتفاؤل وليتقوا الله في غالبية شعبنا.
لا يدرك المسؤولون وصناع القرار ان اخطر الممارسات السياسية والتي طبعا تتسيد المشهد السياسي هي تلك التي تعمل على استنزاف مخزون الأمل والتفاؤل وتعمل على قتل الطموح المشروع لشباب الوطن وتعمل على نشر الاحباط الفردي والعام وتعمل على تسميم مناخات العقد الاجتماعي وبالتالي فإنني أبرئ ذمتي امام الله والتاريخ بأنني قد حذرت من ذلك.
٢٦ مليار مديونية المملكة لكن الحقيقة ان الغالبية اَي ما يزيد عن ٩٠٪ من المواطنين البسطاء والفقراء وأبناء الطبقة الوسطى هم وحدهم من يدفع ثمن الفشل الحكومي الذريع والمستمر في معالجة المديونية بينما يستمتع اقل من ٤٪ من سكان المملكة بمستوى رفاهية لا يستمتع به حتى رؤساء الدول العظمى.
قلناها مرارا وتكرارا ان استمرار زواج المال والأعمال بالسلطة السياسية سواء تشريعية أو تنفيذية أو حتى بعض المأجورين من الاعلاميين سيزيد الامر سوءا ولن تتحقق التمنيات باقتصاد مستدام ما دامت مدخلاته التشريعية وآليات تنفيذه والقائمين على هاتين العمليتين هم نفس الطواقم ومن نفس المدرسة.
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد
د. مروان الشمري
استاذ الادارة الاستراتيجية في جامعة تكساس