لأول مرة في تاريخ أميركا يطلب من رأس الدولة الخضوع إلى فحص طبي للتأكد من سلامة عقله وتوازنه العاطفي. وقد حصل هذا للرئيس الأميركي ترمب فنجح في الامتحان بنسبة 100% لكن هذا لم يقنع أحداً؟.

الذي أجرى الفحص هو طبيب البيت الأبيض ، أي أحد موظفي ترمب ، وهو ليس طبيباً نفسياً ، وبذلك يغيب الاختصاص بقدر ما تغيب الاستقلالية وتظل الحاجة قائمة لعملية تقييم أفضل ، يقنع بها الشعب الأميركي المندهش من سلوك رئيسه.

وهنا نلاحظ بأن هذا الفحص يبقى قاصراً من حيث أن التأكد من لياقة شخص ما صحياً لا تعني بالضرورة قدرته على التفوق في ميدان الألعاب الرياضية. ذلك أن النتائج التي توصل إليها طبيب البيت الأبيض – حتى لو كانت صحيحة ، قد تكفي لإنسان عادي يعيش حياة طبيعية في المجتمع ، ويتاجر بالعقارات، ولكنها قد لا تكفي لإثبات لياقته لأن يحكم أقوى وأهم دولة في العالم ، وأن يكون في مكتبة ، كما يقول ، كبسة زر يستطيع في لحظة غضب أن يضغط عليها وأن يدمر العالم.

حتى لو ثبت أن الرئيس ترمب غير متوازن عاطفياً وسلوكياً ، فإن هذا لا يمنعه من الحكم، فقد حكم القذافي ليبيا سنوات طوال دون حاجة للياقة العقلية والتوازن ، كما أخذ هتلر العالم إلى حرب عالمية طاحنة ، منطلقاً من جنون العظمة.

طبيب البيت الأبيض لا يكتفي بالحكم على سلوك ترمب الراهن بل يتعدى ذلك ليطمئننا ويطمئن العالم بأن صحة ترمب العقلية والبدنية تسمح له باستكمال ولايته لسنوات قادمة.

مما يساعد ترمب على الصمود أن العالم يحتاج أميركا على علاتها بقدر ما تحتاج أميركا العالم أو أكثر قليلاً ، الفلسطينيون مثلاً يرفضون أي دور أميركي في عملية السلام ولكنهم يطالبون أميركا بأن تموّل الاونروا التي تقدم الطعام والتعليم والصحة للاجئين الفلسطينيين.

بعبارة أخرى قد يكون العالم ضد أميركا نظرياً ولكنه يحتاج أميركا عملياً ، وهي تعرف ذلك ، وتشعر بحرية الحركة دون أن تحسب حساباً لتداعيات وتبعات أي قرار تتخذه. فهي قادرة على معاقبة الآخرين ولكنهم ليسوا قادرين على معاقبتها لأنها تعطي نتائج عكسية ، وتضر أكثر مما تنفع.الرأي