القطاع الطبي الخاص .. إلــى ايــن ؟
الدكتور عبدالله البشير
25-01-2018 08:23 PM
ثمة اسئلة جوهرية ينبغي أن تُسأل اليوم فيما وصلنا له في الاردن في مجال الرعاية الطبية لا سيما اننا نواجه جملة تحديات جديدة صنعتها رؤى متضادة وسياسات.
إن القطاع الطبي الخاص معني في كل ما يدور داخل القطاع الطبي وسياساته والتطورات السياسية الاقليمية والعربية والظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بالمملكة.
لقد لعب القطاع الطبي الاردني الخاص دوراً أساسياً خلال السنوات العشرين الماضية في تحقيق اعلى مستويات الجذب للسياحة العلاجية في الأردن من كافة دول العالم حتى اضحى الاردن بفضل هذه المساهمة الكبيرة والجهد الحقيقي الخامس عالميا على مقاييس منظمة السياحة العلاجية العالمية والاول عربيا ما أدى ذلك الى رفد الاقتصاد الوطني الاردني بمبالغ وتحويلات مالية كبيرة على مدى السنين وصلت إلى 3.64 بالمئة من الدخل القومي الاجمالي اضافة الى دعم السياحة وصورة الاردن في الخارج وتوسيع قاعدة سياحة المؤتمرات الطبية اضافة الى الحفاظ على السمعة المميزة للطب في الاردن في مختلف المحافل العربية والدولية.
هذا القطاع اليوم وهو جزءٌ جوهريٌ هام من منظومة الرعاية الصحية في الاردن بكل ما يواجهه من هموم وتحديات الان هو بالارقام المسؤول عن 33.7 بالمئة من مجموع الأسّرة في المملكة، و35.1 بالمئة من مجموع الادخالات، كما سجل 33.7 من مجموع الولادات في المملكة و41.6 من مجموع العمليات الجراحية المجراة على مستوى المملكة.
ارقام مذهلة وكبيرة وتشي بحقيقة اهمية ومكانة ودور القطاع الطبي الخاص لا سيما إذا ادركنا ان هذا القطاع يضم 41.5 بالمئة من مجموع الاطباء العاملين و81.1 بالمئة من مجموع اطباء الاسنان و92.9 بالمئة من مجمـــوع الصيــادلة و50.0 مــن مجمــــوع الممرضـــين القــــانونيـين في المملكة.
أمام هذه الارقام التي تحمل من الايجابيات والصور المُبشرة ما يعزز صورة القطاع الخاص الذي يأخذ على عاتقه كل هذا الجهد والدور ثمة ارقام سلبية مخيفة تعكس حقيقة المخاوف والازمة التي يعاني منها هذا القطاع الطبي الخاص والذي تُهدد استمرار عمله ودوره.
تشير ارقام واحصائيات وزارة الصحة الرسمية إلى ان نسبة اشغال الأسّرة في المستشفيات الخاصة كانت عام 2014 (55,3) بالمئة لتهبط الى (40.0) بالمئة عام 2016 فيما تناقصت نسب الادخالات لغير الاردنيين في مستشفى الاردن مثلاً بنسبة ستين بالمائة وهو ما يشكل انحدار لافت في الارقام، وبالأرقام من (12407) عام 2014 إلى (9429) في العام الذي يليه وليصل في العام 2017 إلى (5039).
إن هذه الارقام والاحصائيات بالغة الاهمية ينبغي قراءتها وتحليلها بتروي وعمق وفهم للمشاكل والمعيقات التي تواجه القطاع الطبي الخاص في الاردن والتي كانت حتما وراء هذا التناقض ولعل اكثر هذه المشاكل:
1- تأشيرات الدخول للمرضى: وقف وتقنيين تأشيرات الدخول للمرضى العرب، النظر لمشكلة التأشيرات نظرة متوازنة تحافظ على مصلحة الجميع.
2- غيــــــاب المســـــــاعدة في تحصيـــل ديــــــون المستشفيات المستحقة على الدول العربية.
3- النظر لهذا القطاع الطبي الخاص أنه جزء من القطاع الطبي بالأردن والشراكة بين القطاع العام والخاص:
• طروحات التأمين الصحي الشامل وتحويلات مرضى الإعفاءات للديوان الملكي يجب أن لا تستثني القطاع الخاص بل تشمله.
• شمول المستشفيات الخاصة بإدخالات مرضى التأمين الصحي لكل الدرجات وليس الدرجة الاولى فقط والتي تشمل الوزراء والاعيان والنواب.
• التصورات المطروحة الى مقترح تطبيق التأمين الصحي الذي تدرسه المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي على الموظفين بالقطاع الخاص يحتاج الى إعادة نظر.
4- دعم القطاع - شمول قطاع السياحة العلاجية بإجراءات الحكومه التي قامت بها لدعم قطاع السياحة النظر للقطاع بأنه جزء من قطاع السياحة في الأردن وينطبق عليه ما ينطبق على إجراءات الدعم لهذا القطاع.
5- الخلل بالكوادر التمريضية وخاصة التخصصية نتيجة عدم تطبيق نظام المستشفيات الخاصة والذي اقرته الحكومه منذ فترة قريبة بالسماح لها باستقدام الممرضيين المتخصصين وبما لا يزيد عن 20% من مجموع الكوادر. وهنا يجب النظر في عدم تعين التمريض العامل والذي له عقد عمل بالمستشفيات الخاصة وانما تعين الكوادر من ديوان الخدمة المدنية والذين ليس لهم عقد عمل.
بعيدا عن هذه المُعيقات التي تتطلب وقفة حقيقية من كافة الجهات المعنية فإن القطاع الطبي الخاص في الاردن يُعاني من جُملة مشاكل مُزمنة أهمها:
1- ارتفاع تكاليف التشغيل في ضوء عدم وجود دراسات لتحدد الكلفة الاقتصادية.
2- الارتفاع الكبير في فاتورة الطاقة ومطلوب مساعدة القطاع في مشاريع الطاقة البديلة ومعاملة المستشفيات معاملة الفنادق.
3- مأسسة القطاع للتعامل مع جميع الجهات المعنية لتحسين الاداء ورفع تنافسية الاردن على مستوى المنطقة والعالم.
4- المشاكل بالتعامل مع شركات التأمين من حيث الخصومات الغير مُبررة وتأخير الدفع.
إن حجم المشاكل والمعيقات التي أضحت جُزءاً من يوميات العمل الطبي في القطاع الخاص الطبي الاردني والعراقيل التي توضع في مسيرة عمله ينذر بمخاطر اكبر ويهدد واقع السياحة العلاجية في الاردن كدولة رائدة في المنطقة العربية والاقليم بل والعالم.
ولعل هذا الواقع الصعب والذي يزداد صعوبة بالنظر الى الاوضاع السياسية والظروف الاقتصادية الدقيقة يتطلب من كافة المعنيين على المستويين الرسمي والاهلي دراسة كل هذه الجوانب والعمل نحو استعادة القطاع الطبي الخاص في الاردن لمكانته في تقديم رعاية طبية متكاملة وذات مستوى عالمي متميز كما هو الامر في مستشفى الاردن منذ اكثر من عشرين عاما والعودة الى استقطاب المرضى في كافة الدول العربية والاقليمية لاستعادة مستويات السياحة العلاجية الاردنية التي كانت وما زالت مصدر اعتزاز كما اكد جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين في عدة مناسبات وفعاليات في اطار دعمه للقطاع الطبي الاردني وانجازاته.
رئيس هيئـة الـمديرين - الـمديــر الـعـام لـمستشفـى الأردن