فنون الكتابة أشكال وألوان
د. تيسير المشارقة
25-01-2018 08:01 PM
يختلف الكتـّاب فيما بينهم حول أنواع الكتابة بشكل عام. والكتابة حسب المصادر العلمية المتعددة أنواع أو أشكال وألوان.
فهناك الكتابة الصحفية والكتابة الأدبية والكتابة الوظيفية، وغيرها. إلا أن الكتابة الصحفية بأنواعها المختلفة تحتل حيّزاً هاماً في النقاش وبخاصة الكتابة التحليلية منها. فالتحليل الانشائي وفن المقال متعدد بأشكاله وأنواعة مما يصل إلى أكثر من عشرة أنواع. والجدل حول أشكال الإنشاء الصحفي التحليلي يمتد إلى أوساط المثقفين وأعضاء النقابات الصحفية وكذلك إلى القاعات والصالونات والصالات الأكاديمية في أقسام الصحافة والإعلام في الجامعات.
ويمكن تقسيم الكتابة إلى عدة أنواع أو أشكال عامة من الناحية الوظيفية. فهناك أربعة أنواع رئيسة؛ أولاً: الكتابة الصحفية، ومنها الكتابة الإخبارية والكتابة التقريرية والكتابة التحليلية. ثانياً: هناك الكتابة الأدبية التي تتنوّع فيما بينها، فمنها الكتابة الشعرية والكتابة النثرية، وهناك ألوان كثيرة من الشعر والنثر، ومن النثر القصة والرواية والمسرحية والسيرة واليوميات أو ما يسمّى بفن السيرة. ثالثاً: هناك الكتابة الوظيفية ومنها أشكال متعددة ككتابة الاستدعاء أو طلب توظيف أو كتابة نبذة شخصية مختصرة. رابعاً: وهناك الكتابة العلمية المتنوعة بمختلف أشكالها المتعلقة بالعلوم. ليس من الضروري الالتزام بهذه التقسيمات حرفيا فهناك ألوان متداخلة بين الأنواع الكتابية، ومنها أشكال هجينة أو مختلطة، كالخاطرة والوصف والتعليق. لقد تم تعداد الأنواع آنفة الذكر حتى نستطيع التفريق بينها من أجل التعداد والتمييز لا الحصر. وينبغي الإشارة إلى أن كل نوع من الأنواع المذكورة ينقسم إلى فروع أو أنواع متفرقة.
أما الكتابة الصحفية الخبرية، فمنها ثلاثة ألوان، الخبر البسيط والخبر المركّب(الموسّع) وخبر البين بين. ويجيب الخبر البسيط عن الأسئلة الخمس التالية: من؟ متى؟ أين؟ ماذا؟ ولماذا؟، ويزيد المركب الموسع من الأخبار عن بسيطها بإجابات عن سؤال آخر هو كيف؟ بحيث لا يقترب الخبر من التقرير. وكثيراً ما يعتقد الكتاب بأنهم مطلوقي الأيدي والأقلام للتوسع بالخبر مما ينفي عنه السمة الخبرية. أما خبر (البين بين) فهو كتابة خبرية أقرب إلى التحرّي الإخباري أو التقصي. والكتابة الخبرية فنون وأساليب وأشكال، فمثلاً: يكون الأكثر أهمية من الواقعة الخبرية في البداية في الصحافة المكتوبة، بينما في الوسائل الإعلامية السمعبصرية فالأكثر آنية وطزاجة يكون في خاتمة الخبر.
بينما الكتابة الصحفية التقريرية، فهي أشكال موسّعة ذات طبيعة إخبارية ولكنها تمتاز بالتفصيل وبقليل من الاسهاب لما هو جاد وهام بما يلامس الواقعة الخبرية. فهناك التقرير الإخباري العادي والريبورتاج والتحقيق الصحفي (التحرّي أو التقصّي). ويمتاز النوع الأخير عن سابقيه بامتلاكه لشروط التحرّي):1) هناك واقعة غامضة، (2) تقوم جهة رسمية أو خاصة بمحاولة إخفاء الحقائق والتستر على الحادثة الغريبة، (3) وهناك جهد صحفي مبذول من قبل صحفي أو جهة إعلامية تحاول الكشف عن الوقائع والحقائق. ويمكن أن نضيف إلى أنواع الكتابة التقريرية ألوان أخرى مثل (التغطية الصحفية) و (عرض الكتاب). بينما فن الريبورتاج، وهو يتناول المكان والإنسان الذي يتحرك فيه فهو يحتاج لصحفي غريب عن المكان يراه للمرة الأولى كي لا يغيب عنصر الدهشة والانبهار الذي يحتاجه الصحفي في عملية الوصف للمكان وحيوات الانسان المتجوّلة فيه، وغالباً ما تلازم الصورة الفوتوغرافية هذا اللون من الكتابة.
وفضلا عن هذا وذاك، تبقى الكتابة الصحفية التحليلية (التفسيرية) تاج الأنواع الصحفية وأرقاها، فهي مقالات مفكرة وتحليلية وتفسيرية في آن، وتمتاز بقوالبها الفنية وأساليبها الكتابية الراقية، وهي ما نطلق عليها "فن المقال". والمقال أشكال وأنواع أيضاً، فهناك: العمود، وعمود الرأي، والزاوية، والقصة الصحفية (المحبوكة)، والمقال الإبداعي، والافتتاحية، ومقال الصورة القلمية (البروفيل والبورتريه)، ومقال العلوم الاجتماعية، ومقال المذكرات أو اليوميات، والمقال النقدي، ومقال البحث الصحفي، والمقال الإعلاني الإشهاري (مقال الخدمة). إلخ. ومن ناحية الشكل فهذه الأنواع ذات شكل فني واحد تقريباً (العنوان، اسم كاتب المقال، المقدمة، الجسم، والخاتمة) وتختلف أساليب الكتابة، فمنها الأسلوب العقلاني العلمي، والاسلوب التلقيني، وأسلوب الوعظ الارشادي، والاسلوب الخطابي الانشائي ـ الوصفي، والاسلوب النزالي الجدلي. وهناك من يضيف إلى هذه الأساليب أسلوب العرض والتحليل والتوضيح وأسلوب المقارنة والتضاد.
خلاصة الكتابة عن الكتابة، أن هذا التقسيم ليس بالضرورة نهائياً أو ثابتاً وإنما يتوخى الدقة والموضوعية بل والعلمية في توصيف الأشياء ووضع الفواصل فيما بينها.فطالما هناك اختلاط بين الأنساب بين البشر تختلط الألوان والانساب الكتابية وحتى لا نبقى في حيرة من أمرنا ارتأينا أن نفتح باب مشرعاً للنقاش في هذا الأمر والكرة في ملعب القراء والكتاب في آن.