شوقي بزيع يصف بمشاعره (الحياة كما لم تحدث)
25-01-2018 02:39 PM
عمون- في أحدث مجموعاته الشعرية (الحياة كما لم تحدث) يستحضر الشاعر اللبناني شوقي بزيع من مخيلته أمورا لم يكتبها الواقع ليتحدث عنها ويستنطقها فتدب فيها الحياة وتغدو حاضرة بين يدي القارئ.
ينطلق بزيع من فكرة الرغبات التي ظلت أحلاما على ورق ولم يتمكن من إنجاز رونقها وسط ضجيج الحياة.
ويقول لرويترز ”نحن أحيانا نرشي الموت ونقوم بإقناعه ليرأف بنا ويمهلنا وقتا علّنا نستطيع أن نحقق الأعمال غير المنجزة. ونناديه ‘مهلا علينا‘“.
ويغازل بزيع قرى وتربة وأرضا سوّت أوضاعها في غربة أبنائها عنها قائلا ”عندما نعود إلى قرانا نجد أن الناس واعدوا أحلاما أخرى غيرنا، رتبّوا حياتهم في ضوء غيابنا.. لمّا بنرجع بنصير كائنات غريبة ومن الصعب ان نتكيّف مع متعة العودة.. نعمّر بيوتا لا نسكنها ولكننا نهرع إليها عند الغياب لنجد أنها مجرد مكان للتوقيع الأخير“.
ومن هنا كتب بزيع قصيدة (بيت الكهولة) ضمن ديوانه الجديد والتي جاء فيها ”نحن رحّالة الوقت/ حراس أعطابه في الخلايا/ وأفخاخه في المنافي/ وسكان أنفسنا الغائبين/ صوّبتنا إلى غير مرمى سهام الظنون/ ومالت بنا دفة العيش أبعد مما أعدّت متاهاتنا من هُوى فنأينا بعيدا“.
وفي ديوانه يرى بزيع فلسطين ”وهي ما يستعين به الوحي كيما يعيد النفوس إلى رشدها/ كلما نقص الحب في الأرض/ أو أُفرغت من بهاء مزاميرها جعبُ الأنبياء/ وهي لو لم تكن لتوجّب تأثيثها من سراب التمني/ ومن حاجة الكائنات إلى آية للظهور/ ومن حاجة الاعوجاج إلى الاستواء“.
ويضيف ”يا ترابا وهبناه أنبل أبنائنا/ والتحفنا بأثدائه رضعا وبأشواكه صبية وبأثلامه عجزا/ سوف أضفُرُ صوتي بأعتى الرياح لأسألك الآن: كم من مسيح علينا انتشال انتظاراته من سفوح القيامة؟ كم من غروب ذبيح علينا اختراع احمرارٍ لحنّائه؟ كم حدادا علينا تلقفه بالسواد، وكم نجمةً تتحلّق من حولها سرّة العالمينَ توجّب أن تمّحي كي يطلّ الصباح؟“.
وعن التلازم بين جنوب لبنان المتاخم للحدود مع فلسطين يقول الكاتب ”فلا قطرة من مياه الجنوب النحيلة إلا وقد رفدتها بأشهى الغيوم اخضرارا جبالُ الجليل/ فهنا يغدو الجنوب شمالا لما خزنته فلسطين من عائدات الأغاني/ ويغدو الشمال جنوبا لمن أشعلوا النار فوق التلال/ وما من قصيدة شعر تعهّد مطلعَها بحرُ حيفا بموج البداهة إلا وأكملها بحر صور“.
ويرى بزيع (مواليد عام 1951) أن قصائده على متن هذا الكتاب جاءت من وحي سن التقاعد الذي يدفع إلى جردة حساب عن حياة لم تُكتب لها الحياة ويعلق على هذا الأمر بالقول لرويترز ”الحياة كتبت لنا خبرا لم نستطع أن نقرأه لكن الفن يمثل الحياة أيضا وقد رغبت أن أعيش هذا الواقع بالفن والكتابة“.
ويقع كتاب (الحياة كما لم تحدث) الصادر عن دار الآداب في بيروت في 159 صفحة من القطع الوسط. وقد وقع بزيع نسخا منه في معرض بيروت للكتاب الدولي الذي اختتم دورته أواخر العام الماضي.
ذاع صيت بزيع إبان الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990 والاجتياحات الإسرائيلية لمناطق لبنان، وخصوصا الجنوب معقل الشاعر، من خلال الأغنيات الوطنية وبالتحديد تلك التي لحنها وغناها الفنان اللبناني مرسيل خليفة.
ويعتبر شوقي بزيع أحد أبرز رواد الشعر الذي يمازج بين الحب والأرض والقضايا ذات البعد الوطني وهو صاحب قصيدة (جبل الباروك) التي غناها مرسيل خليفة لدى اغتيال الزعيم الدرزي كمال جنبلاط عام 1977 في بعقلين الواقعة في جبل لبنان.
وعلى مدى أربعين عاما أصدر بزيع 23 كتابا لعل أبرزها (مرثية الغبار) و(أغنيات حب على نهر الليطاني) و(فراديس الوحشة) و(إلى أين تأخذني أيها الشعر).
ونال بزيع في أواخر العام الماضي جائزة مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية ضمن الدورة الخامسة عشرة، وقال عبد الحميد أحمد الأمين العام للمؤسسة إن لجنة التحكيم اختارت منح الشاعر شوقي بزيع جائزة الشعر ”لما يمتاز به من تجربة شعرية أصيلة، تشمل ثلاث قضايا محورية (الوطن، والمرأة، والزمن) حيث استفاد من أشكال الموروث المختلفة“.
وعلق بزيع لرويترز على منحه الجائزة بأنها من أكثر الجوائز مصداقية لكونها ”تمنح صوتها للكفاءات والمبدعين وليست على قارعة السياسة على الإطلاق لاسيما وأنها تخضع لأكثر من تصفية ضمن لجان تحكيم متعددة“. (رويترز)