الاسلاميون .. رحلة الى واشنطن تجلب المتاعب
فهد الخيطان
10-03-2009 02:31 AM
** المعارضة تتطلع للخارج عندما يغلق الداخل الابواب في وجهها
وجد خصوم الحركة الاسلامية في زيارة نائب امين عام جبهة العمل الاسلامي الدكتور ارحيل الغرايبة فرصة مواتية لشن هجوم شرس على الحركة وكيل الاتهامات لقادتها بالسعي للتحالف مع امريكا ضد بلادهم والاستقواء بواشنطن على نظامهم. وتوقف اكثر من سياسي ومحلل صحافي عند المفارقة في موقف الحركة الاسلامية التي تشتم امريكا في الشارع ثم تهرول الى عاصمتها »لاستجداء« الدعم.
الجدل حول زيارة الغرايبة لا يشذ عن النمط السائد للحوار في الساحة السياسية والصحافية; اتهامات وردود مشحونة, تخوين واهانات شخصية احيانا ومواقف مسبقة لا ينتظر اصحابها سماع الرأي الآخر.
الغرايبة كان هذه المرة ضحية هذا الاسلوب من الحوار وهو لغاية الآن صامت لا يرد باستثناء تصريح مقتضب لـ»العرب اليوم« ردا على سؤال حول زيارته الاخيرة لواشنطن, تاركا لقيادة الحزب تولي المهمة والتي بدورها اصدرت بيانا عاما اعاد التذكير بسياسة الحركة تجاه العلاقة مع واشنطن ورفضها مشاريع الاصلاح المفروضة من الخارج او اي تعاون في هذا المجال.
الحوار مع الامريكان ليس جريمة في عرف اشد المعارضين لها في العالم, وصلة حركة الاخوان المسلمين في الدول العربية مع الاوساط الامريكية لم تنقطع يوما مثلهم مثل كل الاحزاب والحركات السياسية من مختلف الاتجاهات. احيانا يكون الحوار مباشرا مع مسؤولين في الحكومة والكونغرس او عبر السفارات, واحيانا اخرى يكون مع مراكز الابحاث والدراسات المرتبطة بدوائر صنع القرار. وقبل ايام كتب القيادي في حركة الاخوان المسلمين المصرية عصام العريان مقالا في صحيفة الحياة اللندنية ابدى فيه استعداد حركته للتواصل مع ادارة أوباما الديمقراطية.
المشكلة ليست في الحوار مع امريكا وانما في خطاب الحركة الاسلامية السياسي وخطاب منتقديها ايضا وفي الاسلوب الذي تُدار فيه العلاقة مع الخارج وتحديدا مع واشنطن.
خطاب الاسلاميين تجاه امريكا يتسم بالعداء الشمولي وهذا يتنافى مع حقيقة موقفهم. خصوم الحركة يجدون في هذا التناقض مدخلا قويا ومقنعا للهجوم على الحركة الاسلامية واتهامها بالازدواجية.
يتعين على الاسلاميين »دوزنة« خطابهم والاعلان صراحة ان الخلافات مع السياسة الامريكية على كثرتها لا تعني القطيعة. وعليهم ايضا ان يكفوا عن اتهام كل من له صلة بأمريكا بالخيانة والعمالة.
اما خصوم الاسلاميين فخطابهم تجاه امريكا يواجه مأزقا اعمق, فهم يصمتون صمت القبور عن كل اشكال العلاقة مع امريكا, يقبلون التبعية الخالصة وينسجون مع الدوائر الامريكية علاقات وثيقة ولا يتورع بعضهم عن تقديم معلومات تمس المصالح الاردنية. ويُبدون حساسية مفرطة تجاه اي لقاء للاسلاميين, مع او معارضة الامريكان لا تستقيم مع حقيقة مواقفهم السياسية. ولا يترددون في الهجوم على الاسلاميين عندما يهاجمون امريكا او حين يتحاورون معها.
اما خشية البعض من احتمال اقدام امريكا على تغيير تحالفاتها ودعم الاسلاميين بدل دعم الانظمة فانه يؤشر على عدم ثقة بقدرة تلك الانظمة على الاستمرار من دون اسناد امريكي. لقد كان بوسع واشنطن ان تدعم وصول الحركات الاسلامية الى السلطة عندما كان الاسلاميون يحاربون جنبا الى جنب معها في افغانستان ويقدمون لها كتائب من المقاتلين بالتنسيق والتعاون مع الانظمة العربية. وتكفي الاشارة هنا الى تجربة حماس في فلسطين لفهم الطريقة التي تدير فيها امريكا تحالفاتها.
لقد اثبتت تجارب دول عديدة ان المعارضة تتطلع للخارج عندما يتم التضييق عليها في الداخل, واذا كنا نخشى حقا من استقواء الحركة الاسلامية في الخارج ينبغي على الدولة انتهاج سياسة الانفتاح على القوى السياسية كافة لقطع الطريق على من يراهن على دعم امريكا والغرب.
لقد اخطأ الغرايبة في توقيت الرحلة لواشنطن, لكن ما حصل ليس مدعاة لتخوين الرجل الذي تعرف الدولة قبل غيرها بأنه ليس من صنف المتآمرين على بلاده.0
fahed.khitan@alarabalyawm.net