facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




ذكريات صدئة .. علبة الخياطة


نبيل غيشان
25-01-2018 01:05 AM

«......لما وصلا إلى الثلث الأخير من المنحدر صوب الجنوب، دخلا إلى اليمين ساحةً مصبوبة بالباطون، ثم سرير عريض من الحديد الصدئ؛ ساحة شبه مربعة صغيرة، لكنها نظيفة، تخترقها ثلاثة تجاويف تسمى أبواباً.

البيت المكون من غرفة واحدة، ثم غرفة صغيرة، على سبيل المطبخ، بابها من القماش وتشكل زاوية قائمة مع باب الغرفة، والباب الخارجي من الزينكو المحاط بأخشاب مهترئة، وهو مفتوح دوماً. كانت أمي قد أحضرت معها صحناً من الرز واللبن واللحم من الطنجرة التي ملأتها قبل قليل، وجئت معها لتوصله إلى بيت المريضة.

نظرت المريضة إلى ابنتها، وأشارت إلى علبة زرقاء تبدو في رف المطبخ، عرفت العلبة، لدينا في البيت مثلها، فتوقعت أنها تريد أن تخيط شيئاً. جاءت منار بالعلبة وفتحتها، فإذا بها ملأى بقطع الشوكلاته، تفاجأت من المنظر وقلت:
-يمه، شوفي.. بحطو الشوكلاتة في علبة الخياطة؟

ضحكوا جميعاً، أمي ضحكت حتى امتلأت عنياها بالدموع. المريضة ابتسمت، وقالت لي بحنان:

-يا حبيبي، هاي علبة شوكولاته، لما تخلص بنحطّ فيها إبر الخياطة والزرّه.

تناولت أكثر من حبة، ولم آبه لسخريتهم لأني لم أصدقهم أصلاً.

أمي شعرت بأنها بالغت في السخرية مني، وأدركت أن بيتنا لم تدخله علبة الحلويات هذه، وعلبة الخياطة التي لدينا حصلت عليها من جارتها، فقالت بحنان شعرت أنه مصطنع:

-خلص يمه، العيد قرّب.. والله لجيبلكو علبة شوكلاتة مثلها.

لم أصدقها.

أكره الأعياد وأتحول أثناءها إلى كائن مقموع ومضبضب وحزين ينتظر انتهاء هذه الهيزعة التي يكون فيها مثل الطالب اليتيم في حفل مدرسي على شرف الآباء. في الأعياد، كنا نعاني أضراراً بيولوجية حيث كان الوالد يأخذنا إلى نجيب القيضي، وهو صاحب محل كنادر (بالة خلاعية خربانة) يعالجها على سندانه الصدئ. ولما كنا نخشى أن لا يجد الوالد أحذية على قياسات أرجلنا، فقد كنا نوافق على أول فردة حذاء ندحشها في حوافرنا.

بالطبع....الحذاء يأكل اقدامنا..ونظل نعرج حتى العيد القادم.

...وللحديث بقية.

الدستور





  • 1 مراقب 25-01-2018 | 06:40 AM

    حلوة ومرة اذكر الذكريات الحلوة يا عزيزي.

  • 2 سليم المعاني 25-01-2018 | 12:14 PM

    جميل ... جميل جدا
    تصوير دقيق جدا لطفولة بائسة


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :