أي (نار وغضب) في العام الثاني من رئاسة ترمب؟!
فيصل الملكاوي
25-01-2018 12:55 AM
يبدو ان على صاحب كتاب (النار والغضب) مايكل وولف الاستعداد لكتابة الجزء الثاني لكتابه لان العام الثاني للرئيس الاميركي دونالد ترمب في البيت الابيض الذي بدأ للتو في العشرين من الشهر الجاري، لن يكون اقل عصفا وغضبا وحرائق سياسية وربما عسكرية عن العام الاول الذي زرعت فيه البذور الاولى لاميركا الجديدة (العظيمة) التي يريدها الرئيس (ترامبية) بلا منازع بكل ما يعنيه هذا النهج من تحول في القوة العالمية الاولى الى مزيد من عدم الالتفات الى العلاقات الدولية بقواعدها التي سادت خلال العقود السبع الماضية انما الى سياسة احادية وانعزالية الشعبوية عمادها ولتاخذ في طريقها ايضا القواعد التي سارت عليها (المؤسسة الاميركية) باذرعها المختلفة فالترمبية تدير اميركا والعالم عبر تويتر وبعدد من المقربين والمستشارين الذين لا يتعدون اصابع اليد وحدودهم اروقة البيت الابيض ومنهجية التفكير السائدة فيه منذ عام.
لا احد يعرف بالضبط الى اين سيؤدي هذا التحول الهائل في الولايات المتحدة الاميركية منذ انتخاب دونالد ترمب رئيسا لها، والى اين ستذهب بالعلاقات الدولية، والملفات والازمات العسكرية والامنية وايضا العلاقات الاقتصادية واتفاقياتها المتعددة الاطراف، فكل هذه الاوجه من العلاقات الدولية اعتراها عدم اليقين في السنة الاولى من رئاسة ترمب، في ظل فوضى كبيرة تشهدها المؤسسات الاميركية التي تحاول التقاط الانفاس والخيوط، وراء رئاسة غير مسبوقة في سياستها وآليات اتخاذ القرار لديها، وعدم الوضوح ما بين موجتين صباحية ومسائية مما قد يغرده الرئيس على موقع (تويتر) ومن ستطال في احرفها الاحدى والاربعين، دولة ام زعيم ام تهديد او هجوم او رشقة ضد
الصحافة الاميركية ام اقالات في طواقم الادارة الاميركية خصوصا في البيت الابيض ام ارتياب من المؤسسات الاميركية التي طالما وصفها الرئيس بانها سبب لضعف اميركا التي يريد تجديد (عظمتها) فيما يرى الكثير ممن هم داخل الولايات المتحدة وخارجها ان اميركا العظيمة بهذه الطريقة انما هي بوابة لفقدان او تقليص دول اميركا القيادي بوصفها القوة الاولى على الساحة الدولية بما يجعل (الشاكون منها اكثر بكثير من الشاكرون) على الساحة الدولية.
العام الثاني للرئيس ترمب سيكون بكل تاكيد اكثر لهيبا من العام الاول وسيكون فيه المزيد من (النار والغضب) في داخل اميركا وفي خارجها، اذ ان الاسس التي وضعت وبات كثير منها امرا واقعا كقرارات انسحابية من القيادة العالمية، كما ان حالة تبديد الثقة وعدم اليقين لدى الحلفاء اخذت ماخذها في العام الاول، فاصدقاء اميركا وحلفاؤها حتى في العالم الغربي الذي طالما كان اكثر التصاقا وتعاونا وفي حلف وثيق من انتهاء الحرب العالمية الثانية، يحاولون منذ تولي الرئيس ترمب سدة البيت الابيض يتلمسون طريقا جديدا لدرء مخاطر اميركا الجديدة حتى وصل الامر بقيادات اوروبا المركزية مثل فرنسا والمانيا الى الاشارة في اكثر من مناسبة ان على اوروبا ان تتهيأ لعهد ما بعد التحالف عبر الاطلسي وان تستعد للاعتماد على ذاتها حتى على المستوى العسكري ببناء قوة ذاتية مشتركة في حين كان الرئيس الاميركي يصف حلف الناتو (بالمنظمة البالية) وان على الدول الغربية ان تدفع ثمن الحماية الاميركية لها.
هذا الوضع بالنسبة لاقرب الحلفاء في المصالح والقيم والنظام الليبرالي والامن المشترك، الذي اصبح جزءا مهما منه حالة من الماضي على الاقل هذا ما توحي به سياسية الرئيس ترمب في العام الاول من رئاسته، والحال اسوأ بدرجات بالنسبة للعالم الذي هو خارج هذه المنظومة، وسيزداد الامر سوءا خلال السنة الثانية من رئاسة ترمب لاسباب اكثر اهمية كلما اقترب استحقاق الانتخابات النصفية للكونغرس الاميركي في تشرين الثاني المقبل والاهم كلما اقترب العام 2019 العام المقبل الذي يسبق عام انتخابات الرئاسة الاميركية لذلك مثلا اختار الرئيس ترمب توقيت قبل نهاية العام المقبل لنقل السفارة الاميركية الى القدس والى هناك لا احد يعلم بالنسبة للعالم اي حصيلة من النار والغضب ستكون بين دفتي اي كتاب يمكن ان يحمل هذا العنوان لوصف العام الثاني من الرئاسة الاميركية بعهد ترمب.
الرأي