النصيحة الأولى : ان ندرك ان الفساد الأفقي قد اضحى ينهش في نسيج الادارة العامة ، وأن التحول القيمي في مفهوم الفساد الى الوجهة السلبية وتبرير مفاهيم النهب والرشوة واستثمار الوظيفة قد بات واقعاً يهدد مفهوم الثقة العامة ، وأن الفساد العامودي قد اصبح اكثر احترافاً واكثر صعوبة في الاكتشاف ، وهو ما جعل من حرية التعبير وصحة الانتخاب والتمثيل والتعيين معايير غائبة عن المشهد العام .
النصيحة الثانية : ان غياب مفهوم القائد الاداري لحساب واقع كبار الموظفين في الإدارة العليا قد ادى الى شيوع الإهمال والسلبية في اتخاذ القرار والتبعية والانقياد الأعمى للمسؤول الأعلى ، وانحسار مفهوم المؤسسية لحساب الرغبات الشخصية ، وابتذال مفهوم قرار الأغلبية في المجالس والهيئات ، وتلاشي تنوع الآراء في صناعة القرار لحساب الفردية المقيتة في كل مؤسسات الدولة ، الامر الذي يستدعي وجود معهد او هيئة لاختيار القيادات الادارية بعيداً عن المحسوبية والشللية والمصالح الضيقة وغياب الكفاءة والمهارة اللازمة لذلك .
النصيحة الثالثة : تحصين المؤسسات الرقابية ووضع نصوص تشريعية لفض الاشتباك في اختصاصاتها ، وتوحيد مرجعية التحقيق في جرائم الفساد بنصوص ملزمة ، وتغليظ عقوبة الرشوة والتهرب الوظيفي واستثمار الوظيفة واساءة استعمال السلطة .
النصيحة الرابعة : تطبيق المعايير الدولية في العطاءات العامة والشراء الموحد ومراقبة الخلل في بعض المؤسسات الرقابية ، وخاصة تلك المؤسسات التي لها تماس مباشر مع الجمهور او التي تعمل لحماية مظاهر الحياة الاساسية للشعب ، والاستفادة من تجربة البنك المركزي وديوان الرأي والتشريع وبعض المؤسسات الناجحة في حوكمة الاداء .
النصيحة الخامسة : استقطاب خبراء اجانب في مجال وضع سياسات تشجيع الاستثمار ، ومنع استفحال المصالح الخفية في مجال توجيه الاستثمار او حجبه في بعض القطاعات ، والاستفادة من التجربة السعودية الاخيرة في مجال القصاص من الفاسدين الذين قد يتعذر الوصول اليهم بالوسائل الطبيعية لأسباب متعددة .
النصيحة السادسة : استخدام خبرات اجنبية للإسراع في تطبيق الحكومة الالكترونية وفق النماذج الناجحة في الدول الأخرى ، ووضع خطط للتخلص من الحمولة الزائدة من الموظفين وفق اسس عادلة تخدم الاداء العام من جهة وحقوق هؤلاء الموظفين من جهة اخرى .
النصيحة السابعة : التخلص من البيروقراطية في ادارة قضايا الدولة وتجنب دفع الفوائد المتراكمة للقضايا التي تدرك الادارة انها خاسرة وفق تقدير المختصين ومراجعة المؤسسات الرقابية بواقعية وامانة ، وحوكمة الاجراءات الحكومية للاستفادة من الجهد والوقت .

النصيحة الثامنة : اعادة النظر في التشريعات و قرارات الديوان الخاص بتفسير القوانين التي تقيد الحريات العامة وعلى الاخص حرية التعبير ورقابة وسائل الاعلام لمظاهر الخلل في الاداء العام ، ووضع ميثاق يترفع من خلاله الوزراء والبرلمانيين وكبار الساسة عن مقاضاة المواطنين عن التجاوزات البسيطة التي قد تندرج في اطار النقد القاسي ، والغاء كافة النصوص التي تجيز التوقيف على قضايا النشر والتعبير وترك الفصل فيها للقضاء بنتيجة الحكم .
النصيحة التاسعة : الغاء نظام المحاصصة العرقية والمناطقية والجهوية في اشغال الموقع العام في الفريق الحكومي وكبار رجال الدولة تمهيداً لتطبيق هذا المعيار في البرلمان لترسيخ مفهوم الاغلبية السياسية ، واعتماد معايير الكفاءة والنزاهة والاحتراف في الاداء.
النصيحة العاشرة : اعادة النظر بقانون الكسب غير المشروع بما يتيح مراقبة نمو الثروة والمساءلة في اي تجاوز بخصوصها والاستفادة من التجربة السنغافورية والكندية والماليزية وغيرها من التجارب الناجحة التي افضت الى نقلة نوعية في هذا الامر .