ظلت «الكَنَكة» او «غلاّية القهوة» الصغيرة رفيقتي في سَفري. وانا أدمنتُ شَيئيْن في حياتي» القهوة» و»عيون حبيبتي».
وكلما حان موعد السَّفَر،بحثتُ عن «الكَنَكة» لتكون اول ما احرص على اصطحابه معي. اضافة الى المكسّرات وطبيعي فنجان ووقية قهوة وملعقة صغيرة.
ورغم ان الفنادق اصبحت توفر هذه الاشياء من خلال»سخّان» الماء او «الكَتِل» و»عِدّة» الشاي والقهوة؛ لكنني لا احب «القهوة/ الامريكية» وافضّل القهوة/ « التركيّة».
واذكر انني ذات «رحلة الى بريطانيا»،وكنّا في جامعة «اكسفورد» طلبنا قهوة، وجاءوا لنا بالقهوة « الامريكية» السائلة. فتساءلت إن كان يمكن ان نشرب القهوة بـ»الغلاّية» او «الكنَكة»،ولحسن حظّي ان عامل البوفيه من اصل عربي فقادني الى المطبخ واشار الى «الكنكة» و» البُنّ» وقال: إعمل القهوة زي ما بدّك».
انا هكذا دائما «مُشاغب»..
وحدث ان اجريتُ لقاء مع الفنان دريد لحّام في احد فنادق عمّان. ودعاني لتناول القهوة في غرفته، وشكرتُه ظانا انه سيطلبها من الفندق.
لكنه أخرج «غلاّية قهوة صغيرة من «حقيبة سامسونايت سوداء،وحين فتحها اكتشفت أنها تحتوي على «عِدّة القهوة» التركيّة، واخذ يغلي الماء واستمتعت بتناول القهوة من «يديّ « فنان بقامة وقيمة دريد لحّام.
وعندما سافرتُ الى الاسكندرية قبل اعوام، كنتُ استمتع بعمل القهوة بـ» الكنكة» التي اهدتني اياها إحدى السيدات الساكنات في العمارة المجاورة للبحر.
وحين سافرت الزميلة « آية» الى تركيا، طلبتُ منها ان تُحضر لي» كنَكة» قهوة.
القهوة ،مزاج وحالة «حميمة» وعلاقتي بـ»الكنَكة» او « التّنَكَة» أو « الرّكوة» او « الجَزْوة» بالتركّيّة ،علاقة» ترتبط بـ»الدّهشة» و» التفكير» او « السّرَحان» التي أعاني منها كمرض» مُزْمِن»، واجد في الانشغال بعمل القهوة، متعة استثنائية تُناسب بدايتي مع أول النّهار، واشعر وانا «أُقلّب» القهوة بالغلاّية كأنني اقلّب «صفحات كتاب».. متعة ما بعدها متعة!.
ولا احب ان احتسي» كما يقول المثقفون»: المثقف يحتسي القهوة والمواطن العادي يشربها بالكاسة،بل بـ»الفنجان» ولا بُدّ ان يكون الفنجان» ابيض» تماما كي ارى القهوة، وربما ارى فيها وجه مَنْ أُحِبّ.
صباح الخير ايتها «الكنَكَة»
يارفيقة لحظاتي، والشاهد على «حماقاتي»!!.
الدستور