رغم ان نائب الرئيس في الولايات المتحدة ووفقا للدستور لا يملك اية صلاحيات فهو يوضع في «الثلاجة» لحين وفاة الرئيس او عزله ليصبح رئيسا للجمهورية بدلا منه، الا ان مايك بينس وبحكم علاقته المتينة مع ترمب بات يملك هامشا من التاثير على قرار الرئيس تجاوز الخطوط الضيقة والحدود التى رسمها الدستور، فهذا الرجل هو من عقد صفقة القدس بين ترمب والمسيحيين الانجليين او ما اصطلح عليه «المسيحية الصهيونية» التي تؤمن ان عودة المسيح لا تتم الا باعادة بناء هيكل سليمان المزعوم في القدس ونجحت هذه الصفقة في تغيير مجرى الانتخابات الاميركية لصالح ترمب وكانت النتيجة مفاجئة للعالم كله حتى لترمب نفسه ولعائلته كما قال مايكل وولف في كتابه المثير «الغضب والنار».
قرر ترمب دفع نائبه ومبكرا للذهاب الى الشرق الاوسط لامتصاص ردود الفعل الغاضبة على قرار نقل السفارة الاميركية للقدس باعتبارها عاصمة لدولة الاحتلال، الا ان الادارة تراجعت وأرجأت الجولة بعدما استشعرت ان الوقت مازال غير مناسب، وقامت بتكليف توماس جولدبرجر القائم بأعمال السفير الأميركي بالقاهرة بإرسال تقرير « تقدير موقف « يُشخص الوضع والوقت المناسب للزيارة وعلمت من مصادر على مستوى عال من الاطلاع ان توماس جولدبرجر اوصى في « تقدير الموقف « الذي كلف بعمله بعد قرار ترمب ان الموقف العام في العالم العربي وتحديدا في الدول المعنية بصورة اساسية في موضوع القدس وهي الاردن ومصر والسلطة الفلسطينيةيمكن ان تتقبل زيارة نائب الرئيس بينس بعد 45 يوما من قرار اعلان القدس عاصمة لاسرائيل وهي فترة كافية لتهدئة الامور، وعمليا اتخذ القرار في السادس من ديسمبر، وبينس بدا جولته في العشرين من الشهر الحالي اي انه التزم بتقدير الموقف للسفارة الاميركية بالقاهرة.
رغم ذلك وصل بنس المنطقة وهو يدرك ان فرص نجاحه في مهمته التي عنوانها اعادة الامور الى سابق عهدها هي مهمة ليست سهلة، فلدينا في الاردن ملفات كثيرة شائكة مع ادارته، ابرزها القدس واعتراف ترمب الذي نسف رعاية واشنطن لاتفاق السلام الاردني - الاسرائيلي، ونسف الاتفاق الاردني الفلسطيني الذي ثبت الولاية الاردنية - الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية، هذا عدا عن قرار ترمب بتقليص نفقات الاونروا، وهي قضية اردنية بامتياز وليست فلسطينية بحكم ان الاردن هو اكبر مستضيف للجوء الفلسطيني منذ عام 1948
وهذان الملفان بحاجة الى «جراحة سياسية» من قبل الادارة الاميركية التى صعدت على الشجرة واوصلت الامور الى نقطة «العدم السياسي» ولا اعتقد ان الاردن يقبل باطلاق الامور نحو المجهول او تملص الادارة الاميركية من تحديد ما عليها من مسؤوليات في ملفات حساسة وخطيرة للغاية.
ان تحطيم «الخطوط الحمر» «الاستهتار الترمبي» بقواعد السياسة الاميركية المتبعة في الشرق الاوسط منذ 70 عاما لن تقبل به مؤسسات الدول العميقة في الاردن وفي مصر تحت اي ظرف من الظروف.
ان مجاملة هذا الرجل «ثقيل الظل» وعدم ايصال رسائل غضب قوية تتعدى الالفاظ ومصطلحات التنديد والشجب سوف يعطيه الفرصة للعودة الى «ترمب» بتوصيات تؤكد على صحة تقرير « توماس جولدبرجر» ان «العرب» غضبوا وانتهى الامر.
... لم يسبق لاية ادارة اميركية ان استباحت العالم العربي بهذا الشكل، وهو امر يتطلب من الدول المعنية بصورة كاملة بالقضية الفلسطينية واقصد الاردن ومصر والسلطة الفلسطينية ان تنسق خطواتها عبر برنامج عمل متكامل لكيفية التعامل مع واشنطن في المرحلة القادمة.
Rajatalab5@gmail.com
الرأي