الجيش العربي هو أحد "تشكيلات "وجدان الأردنيين الذي نمى منذ مئة عام وأكثر، فالجيش ليس بنادق ورصاص ووجهوه قاسية وسواعد خشنة ووميض عيون يقظى ، إنما هو وطن نسكن إليه ونشعر بالأمن معه ، وهو موضع ثقة الأردنيين الذين لا يتنازلون عنها مقدار شعرة..
الجيش هو وجدان الأردنيين الذين صاغوه أبناء البوادي والقرى والفقراء والحراثين ،فمنهم جندي الحدود ورقيب السير وشرطي الدرك ومسعف الدفاع المدني ، هو الوجدان الأردني الذي ورث كل معاني الفروسية والطيب ، لذا نراه معلّق بالزي العسكري بالخاكي والشماغ والهدب ، فهو ليس مجرد قطع من القماش إنما رمزيته تشير إلى القلب والفخر والشجاعة لذا كان الأردنيون في القرى والبوادي يقولون للذي يسجل في سلك الجيش : "لبس عسكري" وترددت أغنية على لسان الأردنيات اللواتي ما زال يخطف قلوبهن العسكر :" ولفي شاري الموت ولابس عسكري " .
وجدان الأردنيين مرتبط بمؤسسة الجيش وبمن قدمت من الشهداء والذين كتبوا تاريخ بلادنا بالدم والبارود وكانت بطولاتهم وتضحياتهم سجل شرف وعزة، كلما سال دم أحدهم بنينا مدماكا جديدا من الفخار .
الديجتاليون الجدد الذين دمروا مؤسسات البلد بإسم الخصصة ، وباعوا أصول الدولة بإسم الإقتصاد الجديد وإنسحاب الدولة من أدوارها ، وتجرأوا يوما ليبيعوا مدينة الحسين الطبية والمدينة الرياضية ، فالوطن بالنسبة لهم سوق للإستثمار و أسهم في بورصة ، هم أنفسهم من باعوا مبنى قيادة الجيش في العبدلي ليقيموا أبراجا للتجارة والبزنس ، قيادة الجيش ليست مباني وإنما أرث وتاريخ وبطولات فمنها صدرت أوامر حابس المجالي ومشهور حديثة وزيد بن شاكر ، وفيها كان يجتمع الحسين مع وصفي عندما ضاقت كل شوارع الوطن وحاصروا قلبه .. ما الذي كان يمنع من إبقاء مبنى القيادة كمتحف عسكري في منتصف منطقة البوليفارد ولا أتوقع أن ذاك سيمسّ مشاعر الزبائن والسواح.
هم من تجرأوا على صرح الشهيد وشلعوا شجرة زيتون الحسين ومصحف عبدالله الأول ، وأقاموا بدلا منهما مرقدا للنار ، ولكن بجهد الطيبين تم إفشال مخططهم .. وهم أنفسهم من شلعوا قصص بطولات فراس العجلوني وشعر حبيب الزيودي من كتبنا المدرسية.
الأردنيون لا يقبلون أن يمسّ وجدناهم ولو بكلمة ، والجيش هو حامي الهوية الوطنية وحارس منجزاتنا ومستقبل أطفالنا ومبعث قوتنا وفخرنا.
هذي البلاد لنا وسنأتي يوما وإن طالت الأيام نستعيدها ، وكما يقول الصديق محمد صبيح الزواهرة:
نحن حزب وصفي وناهض وحابس وفراس العجلوني وموفق السلطي ومنصور كريشان ومعاذ الكساسبة وراشد الزيود وعرار وتيسير السبول وحبيب الزيودي، نحن من حزب مثقال الفايز وحامد الشراري ، نحن من حزب ماجد العدوان وراشد الخزاعي وعودة أبو تايه وصايل الشهوان وإبن قلاّب، نعرف ثعلب الدروع وحنيش الجيش ، ونعدّ شهداءنا من الروح إلى الروح ، من الكرامة إلى اللطرون، نعرف خّو جيداً ونطرب على "دبيك " العسكر فيها وعليها وعلى "العدا"، نفهم الفرق جيداً بين " عجلون " و " عبدون "و "السياسة " و التسييس، نميّز بين التنمية وبيع الوهم ، نحن أبناء الحراثين ،ونعرف الأردن من مطلع الأنباط إلى اليوم .. سنأتي ذات يوم كاليقين في قلب يملؤه الشك .. لنضيء بلادنا .