ملامح سياسة أميركية جديدة في سوريا
د. هايل ودعان الدعجة
20-01-2018 07:43 PM
يبدو ان الولايات المتحدة أخذت تميل الى تغيير سياستها في التعاطي مع ملف الازمة السورية لجهة الانخراط بشكل أوسع في هذا الملف، لتأكيد حضورها ودورها في مسارات الحلول السياسية بعد ان شعرت بان الظروف قد نضجت وباتت مواتية مع دحر تنظيم داعش وتمكين قوات سورية الديمقراطية، اداتها في سورية، لتعزيز نفوذها ووجودها العسكري شرق الفرات تحديدا، وذلك بهدف موازنة نفوذ روسيا التي تستفرد بهذا الملف وتسعى الى فرض اجنداتها وسيناريوهاتها السياسية في ظل الشكوك التي اخذت تراود قوى دولية وإقليمية حول عدم جدية موسكو في التعاطي مع مسار جنيف، ومحاولتها الالتفاف عليه وتجميده لصالح محطتي استانا وسوتشي، وبما يتوافق ومصالحها في المنطقة .
ما دفع الولايات المتحدة الى التفكير بخلط الأوراق في سورية من خلال تشكيل قوة أمنية كردية حدودية ، تنتشر عند الحدود السورية مع تركيا والعراق وعلى طول نهر الفرات ، بحجة منع عودة داعش وكبح جماح التمدد الإيراني ، وتحسين الظروف الأمنية امام النازحين العائدين الى مناطقهم في سورية . الامر الذي اعتبرته روسيا محاولة أميركية لتقسيم سورية ، فيما اعتبرت تركيا ذلك تهديدا لامنها القومي يستهدف إقامة دولة كردية على الحدود السورية الشمالية ، مقابل مناطق تركية ذات اغلبية كردية ، ما دفعها لتعزيز تحضيراتها واستعداداتها لشن عملية عسكرية في عفرين لتبديد حلم الاكراد . وان كان طريقها في هذا الاتجاه يعاني من صعوبات في ظل عدم وجود ضمانات لوقوف روسيا وايران الى جانبها في هذه الخطوة رغم محاولات التنسيق معهما بسبب وجودهما العسكري في المنطقة ، وكون عمليتها العسكرية تنتطوي على طلعات جوية ، إضافة الى انهما تسعيان الى توظيف الدور التركي في اضعاف المعارضة السورية وضمان مشاركتها في مؤتمر سوتشي.
ان الولايات المتحدة التي كانت مشغولة في تنفيذ او ترتيب أولوياتها في المشهد السوري من خلال محاربة تنظيم داعش ومحاولة الحد من التمدد الإيراني ودعم قوات سورية الديمقراطية وتعزيز وجودها العسكري في الساحة السورية ، قد فسحت المجال لروسيا في تعزيز نفوذها وتفردها في الملف السوري . ساعد في ذلك بعض الخطوات التي أقدمت عليها روسيا بشكل شجع الولايات المتحدة على المضي قدما بسياساتها واولوياتها ، عندما قامت روسيا من خلال استانا بفرض مناطق خفض التوتر ، اعتبرتها الولايات المتحدة خطوة بالاتجاه الصحيح من شأنها الحد من الخطر الإيراني وابعاده عن حدود الكيان الإسرائيلي تحديدا .
لكن الانتهاكات الروسية المتكررة التي شهدتها مناطق خفض التوتر اثارة الشكوك الأميركية حول نوايا روسيا التي اخذت تندفع أكثر لجهة تعزيز نفوذها ، وعدم جديتها في الوقت نفسه في تحجيم ايران ومحاربة التنظيمات الإرهابية . ومحاولتها فرض وقائع جديدة لتعزيز مكاسبها واوراقها السياسية التفاوضية على مستقبل سورية في ظل مساعيها الرامية الى اجهاض مسار جنيف وتمهيد الطريق امام سوتشي . ما دفع الولايات المتحدة الى التفكير بخلط الاوراق وإعادة ترتيب سياساتها واولوياتها من خلال الانخراط بالمشهد السوري بصورة أكثر فاعلية ، لمواجهة التفرد الروسي عبر طرح رؤيتها الخاصة بالحلول السياسية بالتأكيد على مرجعية جنيف تمهيدا لتفعيل الانتقال السياسي ، وضمان ادماج المكون السني في المعادلة التفاوضية السورية ، وذلك من اجل موازنة التحرك الروسي على مساري استانا وسوتشي . في إشارة الى وجود ملامح سياسية أميركية جديدة تستهدف الانخراط الفعلي في العملية السياسية في سورية . حيث يجري الحديث عن رؤية او ورقة أميركية بشأن الحل السياسي يتم التمهيد لها من خلال تشكيل مجموعة أميركية أوروبية إقليمية مقابل المجموعة الروسية الإيرانية التركية .