اِحْتَرَمُوا عُقُولِنَا قَلِيلًا
أ. د. ناهد عميش
18-01-2018 05:07 AM
أَحَدٌ المُؤَشِّرَاتِ المُهِمَّةِ عَلَى نَجَاحِ الإِدَارَةِ، هُوَ الحُفَّاظُ عَلَى المِصْدَاقِيَّةِ لِتَعْزِيزِ الثِّقَةِ بَيْنَ الحُكُومَاتُ وَالمُوَاطِنُ.
إِنْ تعزير الثِّقَةُ وَالحِفَاظُ عَلَى المِصْدَاقِيَّةِ وَالصَّرَاحَةُ الدَّائِمَةُ مَعَ المُوَاطِنِ مِنْ قَبْلِ الحُكُومَاتُ تَجْعَلُ المُوَاطِنَ شَرِيكٌ وَمُدَافِعٌ عَنْ السِّيَاسَاتُ الحُكُومِيَّةَ. لَا نُرِيدُهَا أَزْمَةُ ثِقَةٍ بَلْ ثِقَةٌ تَتَرَاكَمُ، فَإِنَّ شَابَهَا شُكُوكٌ فَيَجِبُ مُصَارَحَةُ الشَّارِعِ لِلحِفَاظِ عَلَى التَّوَازُنِ بَيْنَ الأَطْرَافُ.
وَهَذَا القَوْلُ يَنْطَبِقُ تَمَامًا عَلَى سِيَاسَاتٌ وَإِجْرَاءَاتُ الحُكُومَاتِ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ لِأَتَقَطَّعَ وَعُودًا هِيَ غَيْرُ قَادِرَةٍ عَلَى الوَفَاءِ بِهَا.. فَجُمْلَةُ "الرَّفْعِ لَنْ يَمَسُّ الطَّبَقةَ الوُسْطَى" سَمِعْنَاهَا أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ مِنْ قَبْلِ الحُكُومَةِ، وَلِلأَسَفِ كَانَتْ قَرَارَاتُهَا دائماً مخالفة لِهَذَا التَّصْرِيحِ، حَتَّى جَاءَتْ المُوَازَنَةُ الأَخِيرَةُ وَرَفْعُ الأَسْعَارِ لِتُقَلِّبَ كُلَّ المَوَازِينِ.. صَحِيحٌ أَنَّ الضَّرِيبَةُ مِنْ أَهَمِّ مَوَارِدِ الدَّوْلَةِ، وَلَكِنَّ مِنْ الضَّرُورِيِّ وُجُودٌ سِيَاسَاتٌ اِقْتِصَادِيَّةً مُوَازِيَةٌ لِسِيَاسَةِ الجِبَايَةِ لِتَكُونَ الحُلُولُ إِصْلَاحِيَّةٌ وَطَوِيلَةٌ المَدَى.
نَحْنُ لَا نُنْكِرْ وُجُودَ مِثْلَ هَذِهِ السِّيَاسَاتُ وَلَكِنَّ لِلأَسَفِ لَمْ نَشْعُرُ بنتاجاتها. وَلَوْ نَجَحَتْ بِهَا الحُكُومَةُ لَمَا اِضْطَرَّتْ لِرَفْعِ الأَسْعَارِ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ..
إِنَّنَا نَعِيُّ تماماً صعوبة الأَزْمَةُ المَالِيَّةُ الَّتِي نَمُرُّ بِهَا. وَمُسْتَعِدُّونَ لِلتَّضْحِيَةِ، وَلَكِنَّ اِحْتَرَمُوا عُقُولِنَا قَلِيلًا، وَلَا تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ.