فكرة المستعمرة الإسرائيلية على أرض فلسطين، لم تكن وليدة الحركة الصهيونية التي أتى بها الصحفي هيرتسل وحسب، بل هي نتاج تقاطع المصالح بين بلدان الاستعمار القديم بريطانيا وفرنسا والمانيا، مع الحركة الصهيونية والتفاهم بينهما لإنشاء مخفر استعماري متقدم لحماية خطوط المواصلات والتجارة في منطقة مثلثة بين أوروبا وأسيا وأفريقيا، الأكثر أهمية في العالم في ذلك الوقت، قبل ولادة أميركا القوة الأولى في العالم الحديث، والتي حلت محل أوروبا في تبني المستعمرة الإسرائيلية على أرض فلسطين وتوفير فرص الحماية والرعاية والدعم العسكري والمالي والسياسي والأمني لها، وعزز ذلك نفوذ الطائفة اليهودية لدى مؤسسات صنع القرار الأميركي؛ الكونغرس والإعلام والمال، وهكذا ترسخت الرؤية الأميركية نحو العالم العربي عبر العين الإسرائيلية والمصالح التوسعية الإستعمارية الإسرائيلية، وعبر رؤية اللوبي اليهودي الصهيوني “ الأيباك “ في واشنطن .
قوة المستعمرة الإسرائيلية إضافة إلى عاملي الإسناد الأميركي واليهودي، تفوقها الذاتي، تتطلب من دوائر صنع القرار، ومواقع التفكير، ومؤسسات الدراسة والتقييم في منظمة التحرير، ولدى فتح وحماس، لدى الشعبية والجهاد والديمقراطية، ومراكز الأبحاث عندهم ولديهم،،، أن يدرسوا، أن يتعلموا، أن يصحوا، إلى قوة العدو، ومصادره، وإلى قوتهم الذاتية ومدى تفعيلها، وكيف، من أجل اختزال عوامل الزمن، وعدم هدر التضحيات الفلسطينية كي لا تكون مجانية، تُهدر في أتون المواجهة واستمراريتها، وأن تكون موجعة ضد العدو، وتجعل احتلاله مُكلفاً على طريق الانتصار الوطني الفلسطيني .
عناوين الصراع بين المشروعين المتناقضين؛ المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، هما الأرض والبشر، يريدون مستعمرة إسرائيلية على كامل أو على أغلب أرض فلسطين، وخالية من أكبر عدد من أهلها، وأقل عدد منهم على أرضها، واستطاعوا بفعل التفوق احتلال كل فلسطين على شكل خطوات تدريجية متعددة المراحل، وطردوا نصف الشعب الفلسطيني وتشريده عن أرضه وترحيله إلى خارج وطنه، يعيش أغلبهم في مخيمات اللاجئين وتجمعاتهم الفقيرة البائسة، ناهيك عن عدم توفر فرص الأمن وغياب الأمان في لبنان وسوريا والعراق وليبيا، حين تعرضوا للقتل والتجويع والحصار في ظروف مختلفة ولأسباب متعددة، وبقي النصف الأخر على أرض فلسطين داخل وطنهم.
فلسطينيو المهاجر واللجوء عليهم أن يتعلموا من يهود العالم ماذا يفعلون لمشروعهم الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، كي يفعلوا ويعملوا هم لصالح مشروعهم الوطني الديمقراطي الفلسطيني بالإعتماد على التحالف والتفاهم مع الشعوب الذين يعيشون في كنفها عبر أحزابهم ونوابهم ونقاباتهم، أما فلسطينيو الداخل سواء في مناطق 48، أو مناطق 67، فهم يعرفون واجباتهم ويقومون بها على أرقى أنواع الفعل والنضال، ولكنهم يحتاجون للوحدة والبرنامج المشترك واختيار الأدوات المناسبة.
الرئيس الفلسطيني تطرق ألى أهمية معالجة الاستحقاقات المطلوبة المباشرة وهو صاحب القرار لدى حركة فتح ولدى مؤسسات منظمة التحرير، صاغ التاريخ وتوقف عنده بوضوح ووصّل رسالته بعمق ودراية، ولكنه لم يتوقف أمام الاستحقاقات المطلوبة منه داخلياً وهي عنوان المصداقية لديه:
- دعوة القيادة المؤقتة لمنظمة التحرير للاجتماع كما سبق وحصل في القاهرة برئاسته بحضور حماس والجهاد والمبادرة والقيادة العامة والصاعقة، فالقرار لديه وعنده خاصة بعد أن لبت حركة حماس شروط المصالحة وفق المبادرة المصرية، وصولاً نحو الشراكة المطلوبة، ولن يستطيع تحقيق الشراكة أحد غيره .
- عقد اجتماع للجنة التحضيرية لعقد المجلس الوطني كما حصل في بيروت يوم 15/1/2017، برئاسة سليم الزعنون رئيس المجلس بحضور الفصائل كافة بما فيها حماس والجهاد والقيادة العامة والصاعقة والمبادرة .
- دعوة مؤسسة المجلس التشريعي للعمل بموازاة عمل مؤسسة الرئاسة لخلق التوازن المطلوب والشراكة المفقودة لدى السلطة الوطنية، خاصة وأن المجلس المركزي الفلسطيني صاحب القرار، وهو المرجعية، سبق له وأن جدد ولايتي الرئيس والمجلس التشريعي سوية يوم 26/10/2009 .
تلك هي أساسات العمل المطلوب، وهي مطلوبة منه ومنه فقط فهل يعمل ؟؟ وهل يُدرك أن الفلسطينيين يفهمون ويعملون ويدركون ما هو المطلوب لخلق الجبهة الوطنية الموحدة، في مواجهة العدو المتفوق؟.
h.faraneh@yahoo.com
الدستور