عمون - لقمان إسكندر - سمر فتاة جميلة. سمر فتاة كانت جميلة. اليوم أصبحت جدة في الخمسين من عمرها. حسناء لكن جمالها العشريني المشاغب تحول بعد ثلاثة عقود إلى وقار. في أية حال اعتاد الجمال بعد الخمسين أن يصبح وقورا، وهادئا ومسالما.

صار كل ما كنتُ أحبّه فيها وقورا أكثر. طريقة لفّ حجابها العشريني حول كتفها. بحة الخجل في صوتها، الانحناءات المهذبة في مشيتها، وكأنها تخفي فيها شيئا ما عن الأغراب.

سمعتُها أمس، وهي تحكي لزوجتي، عن جولتها في السوق. سمر كانت غاضبة جدا على الحكومة. لم تكن تهمس. كأنها لم تعد تخشى.

الوجع أصم، يصرخ بإزعاج. والألم أعمى لا يرى حُسن صاحبة الخمار الأسود. في الحقيقة ذوّب الفقر وجه سمر. قالت: "السوق لم يعد كما كان"، فهمستُ لي: "من لا يتغير يا سمر".

سمر تزوجت باكرا وأنجبت سريعا، ولم يكد طفلها الأخير يدخل المدرسة حتى صارت جدة.

سمر مثل عمّان. امرأة جميلة حد الوقار. لكنها متعبة. سمر صار صوتها يعلو كما لم يكن يعلو من قبل. صارت أكثر توترا. أذرع الحكومة المالية طاردت حتى الجمال في وجه سمر.